التقييد - كسائر الإضافات الاعتبارية - كما يمكن أن يكون بالمقارن يمكن أن يكون بالمتقدم والمتأخر.
نعم، لما كان الامر تابعا للفرض سعة وضيقا فتقييد المأمور به لابد أن يكون لاختصاص الغرض بالمقيد.
وحينئذ قد يشكل: بأن المتأخر والمتقدم كيف يكون دخيلا في فعلية ترتب الغرض على المأمور به مع عدم وجوده حينه، نظير ما تقدم في العلل التكوينية، لان ترتب الغرض على المأمور به ليس تابعا للجعل الشرعي، بل لخصوصيات تكوينية.
ولابد من توجيهه بأحد وجهين..
أولهما: أن القيد ملازم للحصة المؤثرة للغرض، فيكون كاشفا محضا عنها من دون أن يكون دخيلا في فعلية الغرض.
ثانيهما: أن الشرط المتقدم يبتنى على ما تقدم في المعد في التكوينيات، والمتأخر يبتنى على كون المأمور به غير مؤثر لفعلية الغرض الأقصى بل لقابلية تحققه، وفعليته تابعة لوجود الشرط، نظير ما تقدم في المعد، فان ذلك ممكن عقلا وواقع عرفا، نظير اكرام الضيف بالطعام القليل، الذي لا يترتب عليه الغرض - وهو حسن الضيافة - الا بضميمة الاعتذار بعده بأنه تمام الميسور وان لم يناسب حق الضيف ومقامه.
هذا، وقد ذكر بعض الأعاظم قدس سره في توجيه الشرط المتأخر في المأمور به أن الشرط لا يزيد في المعنى على الجزء الدخيل في المأمور به، فكما لا اشكال في امكان تأخر أجزاء المأمور به بعضها عن بعض كذلك لا ينبغي الاشكال في جواز تأخر شرط المأمور به عنه، لكون الشرط بنفسه موردا للتكليف كالجزء، لما سبق منه من دخول التقييد بالشرط في المأمور به، وحيث كان التقييد منتزعا من القيد، وكان التكليف بالامر الانتزاعي راجعا إلى التكليف بمنشأ انتزاعه، لزم كون الشرط بنفسه داخلا في المأمور به، كالجزء، فيجرى فيه ما يجرى فيه من