الأمر الثالث: أن البرهان المنطقي - أيضا - يقتضي عدم إيجاب الجمع، فإن الخطاب الترتبي بمنزلة المنفصلة المانعة الجمع في النسبة الطلبية في جانب المهم والنسبة التلبسية في جانب الأهم، فصورة القضية، هكذا: إما أن يكون الشخص فاعلا للأهم، وإما أن يجب عليه المهم، ومعه كيف يعقل إيجاب الجمع (1)؟.
أقول: - بعد الغض عن الاشكال ببعض ما ذكره - أن ما ذكره من عدم اقتضاء هذين الخطابين الجمع مما لا إشكال فيه، إنما الكلام في مناط عدم الاقتضاء، فلا بد من استقصاء العناوين التي يتصور أخذها شرطا لخطاب المهم أو موضوعا له، حتى يتضح موارد اقتضاء الجمع وعدم اقتضائه والمناط فيهما، فنقول:
الشرط إما أن يكون العصيان الخارجي، أو التلبس بالعصيان والاخذ والشروع فيه، كما تشبث به المستدل في خلال كلامه، أو العنوان الانتزاعي من العاصي، ك (الذي يعصي) أو (الذي يتعقبه العصيان). وتلك العناوين إما يكون ظرف تحققها أو انتزاعها ظرف تحقق العصيان، أو ظرف الشروع فيه، أو قبلهما:
فإن كان العصيان الخارجي أو ما يساوقه خارجا - أي عنوان كان - يلزم الخروج عن بحث الترتب وإن لم يلزم إيجاب الجمع، وذلك لأنه ما دام عدم تحقق العصيان لا يكون أمر المهم فعليا، وبتحقق العصيان يسقط أمر الأهم