ولا يخفى أن النكرة تدل بمادتها على نفس الطبيعة بلا شرط، وتنوين التنكير الداخل عليها يدل على الوحدة، ف (رجل يدل - بتعدد الدال - على واحد غير معين من الطبيعة، ولا تكون فيه دلالة على البدلية بلا ريب، وإنما يحكم العقل بتخيير المكلف في الاتيان بأي فرد شاء في مورد التكاليف.
فقوله: (أعتق رقبة) يدل بعد تمامية المقدمات على وجوب عتق رقبة واحدة من غير دلالة على التبادل، والتخيير فيه عقلي، بخلاف قوله:
(أعتق أية رقبة شئت)، فإن التخيير فيه شرعي مستفاد من اللفظ.
وقد عرفت فيما تقدم حال الجنس في سياق الاثبات بعد تمامية المقدمات، وأنها أجنبية عن إفادة العموم.
وبالجملة: لا يستفاد من المقدمات إلا كون ما جعل موضوعا بنفسه تمامه بلا دخالة شي آخر، وهذا معنى واحد في جميع الموارد. نعم حكم العقل والعقلاء فيها مختلف، وهو غير دلالة اللفظ.
تنبيه: في سبق هذا التقسيم على تعلق الحكم:
قد ظهر مما ذكرنا من دلالة بعض الألفاظ على العام الاستغراقي، أو المجموعي أو البدلي أن هذا التقسيم إنما هو قبل تعلق الحكم، فإن الدلالات اللفظية لا تتوقف على تعلق الاحكام بالموضوعات، ف (كل) و (جميع) يدلان على استغراق أفراد مدخولهما قبل تعلق الحكم، و كذا لفظ (المجموع)