هذا، مضافا إلى أن العصيان عبارة عن ترك المأمور به بلا عذر، وهو معنى عدمي لا يمكن أن يتصف بحيثية وجودية مطلقا، وقد تكرر منا (1): أن القضايا الصادقة التي موضوعاتها أمور عدمية لا بد وأن تكون من السالبة المحصلة أو ترجع إليها، والموجبات مطلقا لا تصدق في الاعدام إلا بتأول وفي بعض القضايا الغير المعتبرة، كقوله: (العدم عدم)، فالعصيان بما أنه عدمي لا يمكن أن يتأخر عن شي أو يتقدم، ولا يمكن أن يكون موضوعا لحكم ولا شرطا لشئ أو مانعا عنه.
وبما ذكرنا ينهدم أساس الترتب، لأنه مبني على التقدم و التأخر الرتبيين، وهما بين الامر وإطاعته - على تأمل فيه أيضا - لا بينه و بين عصيانه. اللهم إلا أن يجعل الموضوع [هو] الذي لا يأتي بالمأمور به بلا عذر، لكن مع ذلك لا يكون التقدم رتبيا.
المقدمة الخامسة: الموضوع للحكم إما غير قابل للوضع والرفع التشريعيين، كالعقل، والبلوغ، أو قابل لهما، والثاني إما قابل للدفع و الرفع، أو قابل للدفع فقط، وعلى التقديرين إما أن يكون قابلا للرفع الاختياري للمكلف - أيضا - أو لا، والرفع التشريعي إما أن يكون بنفس التكليف أو بامتثاله.
ومحل البحث في الأهم والمهم هو هذا الأخير، وهو ما إذا كان امتثال التكليف رافعا لموضوع الاخر حيث يتحقق اجتماع كل من الخطابين في الفعلية، لأنه ما لم يتحقق امتثال أحد الخطابين - الذي فرضنا أنه رافع لموضوع