ومنها: أن قياس المنفصلين بالمتصلين مع الفارق، لان المنفصل ينعقد إطلاقه، ولا يكون وجه تقديم المقيد هو الحكومة، بل المطلق إنما يكون حجة إن لم يرد من المتكلم بيان، وبعد ورود البيان ينتهي أمد الحجية - تأمل - وإنما يقدم المقيد لأظهرية القيد في الدخالة من المطلق في الاطلاق، وهذه الأظهرية المدعاة هي أظهرية فعل المتكلم، لا الأظهرية اللفظية، كما أن تقديم ظهور القرينة على ذي القرينة إنما هو للأظهرية ومناسبات المقام، لا للحكومة.
إذا عرفت ذلك فلنتعرض لمهمات الصور، ليتضح بها حال غيرها:
فالصورة الأولى: ما إذا كان الحكم تكليفيا، ويكون المطلق نافيا والمقيد مثبتا، كقوله: (لا تعتق رقبة) و (أعتق رقبة مؤمنة)، بناء على أن قوله: (لا تعتق رقبة) من قبيل المطلق لا العموم كما هو التحقيق، ففي هذه الصورة لا إشكال في حمل المطلق على المقيد، كان الحكم إلزاميا أو لا، ضرورة تحقق التنافي بينهما عرفا، لما عرفت في النواهي أن الزجر إذا تعلق بالطبيعة يرى العرف أن امتثاله بتركها مطلقا، فحينئذ لا محيص عن الجمع بين الدليلين بحمل المطلق على المقيد مطلقا، فإن وجوب عتق الرقبة المؤمنة أو استحبابه لا يجتمع مع حرمة عتق مطلقها أو كراهته.
الصورة الثانية: عكس الأولى، وهو تعلق الامر بالمطلق والنهي بالمقيد، مثل:
(أعتق رقبة) و (لا تعتق رقبة فاسقة) فحينئذ تارة نعلم أن النهي تحريمي، فلا إشكال في حمل المطلق على المقيد، وتارة نعلم أنه تنزيهي فالظاهر عدم