فرضا، وليس شي منهما متأخرا عن تلك الخطابات، فإن المتأخر عن الامر أو النهي - بعد التسليم - عصيانهما، دون ذات الإقامة أو عزمها، لعدم ملاك التأخر فيهما، فالعصيان لا ينتزع من نفس الإقامة بما هي، بل من حيثية زائدة عليها، وهي كونها مصداقا عرضيا لمخالفة المأمور به أو المنهي عنه، وهذه الحيثية متأخرة عن الأمر والنهي، لا ذات الإقامة بما هي أو عزمها بما هو، فالنقوض كلها أجنبية عن باب الترتب (1).
وأما وجوب الخمس فلم يكن مترتبا على عصيان وجوب الدين في آية أو رواية، بل الخمس إنما يتعلق بالغنيمة أو الفائدة الزائدة عن مئونة السنة، ومع أداء الدين لم تبق فائدة حتى يتعلق بها الخمس، من غير أن يكون خطابه مترتبا على عصيان خطاب آخر، فإيفاء الدين رافع لموضوع الخمس، لا أن خطابه مترتب على عصيانه.
ومما ذكرنا من الايراد على الترتب يظهر النظر في تقرير آخر لعدم المطاردة بين الامرين، وهو:
أن اقتضاء كل أمر لطاعة نفسه في رتبة سابقة على طاعته، وهي رتبة أثره، فإن كل علة منعزلة عن التأثير في رتبة أثرها، وإنما اقتضاؤه في مرتبة ذاته، ولما كان العصيان نقيض الطاعة فيجب أن يكون في رتبتها، فيلزم تأخره عن الامر، فإذا أنيط أمر بعصيان هذا الامر فلا تعقل المزاحمة بينهما، إذ في رتبة