ذهن العرف لو خلي وطبعه لا يتوجه عند سماع قوله: (أعتق رقبة) و (لا تعتق رقبة فاسقة)، إلا إلى تقييد الاطلاق، ولا يختلج بباله الحمل على التنزيه بقرينة الاطلاق، وإنما هو احتمال عقلي، ولعل وجه تعارف الاطلاق والتقييد في محيط التشريع، وعدم معهودية جعل الاطلاق قرينة على النهي، أو كون الهيئات بما أنها حرفية لا يلتفت إليها الذهن، وإلى طريق الجمع بينها.
وكيف كان فلا إشكال في حمل المطلق على المقيد في هذه الصورة عرفا.
إن قلت: لو قلنا بكون المطلق والمقيد داخلين في نزاع اجتماع الأمر والنهي، وقلنا بالجواز هناك، لرفع التعارض بين المطلق والمقيد.
قلت: مسألة اجتماع الأمر والنهي عقلية غير مربوطة بالجمع بين الأدلة، لان مناط الجمع بينها هو فهم العرف، ولا شبهة في وقوع التعارض بين المطلق والمقيد عرفا، وطريق الجمع عرفي لا عقلي، فلا يكون أحد وجوه الجمع بين الأدلة الجمع العقلي، وهذا واضح جدا، وإن التبس على بعض الأعاظم (1).
الصورة الثالثة: ما كان الدليلان مثبتين إلزاميين، كقوله: (أعتق رقبة) و (أعتق رقبة مؤمنة)، فلا بد في الحمل فيها من إحراز التنافي بينهما، وهو يتوقف على وحدة الحكم، ففي هذه الصورة إن أحرزت وحدته فلا إشكال، وإلا فتارة يحرز كون الحكم في المطلق على نفس الطبيعة،