فتحصل من جميع ما ذكرناه: أن ما يدفع به التضاد وطلب الجمع خارج عن أساس الترتب رأسا.
وما قد يقال: من أن المكلف لو جمع بين الأهم والمهم لم يقعا على صفة المطلوبية، وهذا آية عدم الامر بالجمع (1).
مدفوع: بأن الذي يعصي يمتنع عليه الجمع بينهما، للزوم اجتماع النقيضين، وإلا فلو فرض جواز الجمع - بمعنى أن العاصي مع كونه عاصيا أتى بالأهم - وقع كل منهما على صفة المطلوبية، لان الذي يعصي مع كونه عاصيا في ظرفه مطلوب منه الاتيان بالأهم، لعدم سقوط أمره بالضرورة، ما لم يتحقق العصيان خارجا، والفرض أن شرط المهم حاصل أيضا، فيكون مطلوبا.
إن قلت: أدل دليل على إمكان الشئ وقوعه، وقد وقع في الشرعيات ما لا محيص عن الالتزام به، مع أنها من الخطاب الترتبي:
منها: ما لو فرض حرمة الإقامة على المسافر من أول الفجر إلى الزوال، فلو فرض أنه عصى هذا الخطاب وأقام، فلا إشكال في وجوب الصوم عليه، فيكون في الان الأول الحقيقي من الفجر قد توجه إليه كل من حرمة الإقامة ووجوب الصوم، لكن مترتبا، يعني أن وجوب الصوم يكون مترتبا على عصيان حرمة الإقامة، ففي حال الإقامة يجب عليه الصوم مع حرمة الإقامة بالخطاب الترتبي.