يعني بقوله تعالى ذكره: * (فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله) *: فما عجزوا لما نالهم من ألم الجراح الذي نالهم في سبيل الله، ولا لقتل من قتل منهم عن حرب أعداء الله، ولا نكلوا عن جهادهم. * (وما ضعفوا) * يقول: وما ضعفت قواهم لقتل نبيهم. * (وما استكانوا) * يعني: وما ذلوا فيتخشعوا لعدوهم بالدخول في دينهم، ومداهنتهم فيه، خيفة منهم، ولكن مضوا قدما على بصائرهم ومنهاج نبيهم، صبرا على أمر الله وأمر نبيهم وطاعة الله، واتباعا لتنزيله ووحيه. * (والله يحب الصابرين) * يقول: والله يحب هؤلاء وأمثالهم من الصابرين لامره وطاعته، وطاعة رسوله، في جهاد عدوه، لا من فشل ففر عن عدوه، ولا من انقلب على عقبيه فذل لعدوه لان قتل نبيه أو مات، ولا من دخله وهن عن عدوه وضعف لفقد نبيه.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا) * يقول: ما عجزوا، وما تضعضعوا لقتل نبيهم، * (وما استكانوا) * يقول: ما ارتدوا عن نصرتهم ولا عن دينهم، بل قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله حتى لحقوا بالله.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: * (فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا) * يقول: ما عجزوا، وما ضعفوا لقتل نبيهم، * (وما استكانوا) * يقول: وما ارتدوا عن نصرتهم، قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله (ص) حتى لحقوا بالله.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (فما وهنوا) *: فما وهن الربيون لما أصابهم في سبيل الله، من قتل النبي (ص)، * (وما ضعفوا) * يقول: ما ضعفوا في سبيل الله لقتل النبي، * (وما استكانوا) * يقول: ما ذلوا حين قال رسول الله (ص): اللهم ليس لهم أن يعلونا، * (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) *.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (فما وهنوا) * لفقد