والثاني: لما كانوا بهذه الأموال والأولاد متعلقين، ولا يؤمنون بالحياة بعد الموت ولا بالدار الآخرة الواسعة ولا بنعيمها الخالد فليس من إلهين أن يغمضوا عن هذه الأموال والذرية، ويخرجون من هذه الدنيا - بحال مزرية وفي حال الكفر.
فالمال والبنون قد يكونان موهبة وسعادة ومدعاة للرفاه والهدوء والاطمئنان والدعة إذا كانا طاهرين طيبين وإلا فهما مدعاة العذاب والشقاء والألم.
* * * 2 ملاحظتان 1 - يسأل بعضهم: إن الآية الأولى - من الآيات محل البحث - تقول: انفقوا طوعا وكرها لن يتقبل منكم مع أن الآية الأخرى تقول بصراحة: ولا ينفقون إلا وهم كارهون.
ترى ألا توجد منافاة بين هذين التعبيرين؟!
لكن مع قليل من الدقة يتضح الجواب على هذا السؤال، وهو أن بداية الآية الأولى في صورة القضية الشرطية، أي لو أنفقتم طوعا أو كرها فعلى آية حال لن تتقبل منكم. ونعرف أن القضية الشرطية لا تدل على وجود الشرط، أي على فرض أن ينفقوا طوعا واختيارا فإنفاقهم لا فائدة فيه، لأنهم غير مؤمنين.
إلا أن ذيل الآية الأخرى بيان قضية خارجية، وهي أنهم ينفقون عن إكراه دائما.
2 - والدرس الذي نستفيده من الآيات الآنفة، هو أنه لا ينبغي الإنخداع بصلاة الناس وصيامهم، لأن المنافقين يؤدون ذلك أيضا، كما أنهم ينفقون بحسب الظاهر في سبيل الله. بل ينبغي تمييز الصلاة والإنفاق بدافع النفاق من غيرهما عن أعمال