2 التفسير 3 المنافقون المتذرعون:
يكشف شأن النزول المذكور أن الإنسان متى أراد أن يتنصل من تحمل المسؤولية يسعى للتذرع بشتى الحيل، كما تذرع المنافق جد بن قيس لعدم المشاركة في المعركة وميدان الجهاد، بأنه ربما تأسره الوجوه النضرة من بنات الروم وتختطف قلبه، فينسحب من المعركة ويقع في إشكال شرعي!!...
ويذكرني قول جد بن قيس بكلام بعض الضالعين في ركاب الطاغوت، إذ كان يقول: إذا لم نضغط على الناس فإن ما نتسلمه من الراتب والحقوق المالية مشكل شرعا. فمن أجل التخلص من هذا الإشكال الشرعي لابد من إيذاء الناس وظلمهم!.
وعلى كل حال فإن القرآن يوجه الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليرد على مثل هذه الذرائع المفضوحة قائلا: ومنهم من يقول أئذن لي ولا تفتني بالنساء والفتيات الروميات الجميلات.
كما ويحتمل في شأن نزول الآية أن جد بن قيس كان يتذرع ببقاء امرأته وأطفاله وأمواله بلا حام ولا كفيل بعده ليتخلص من الجهاد.
ولكن القرآن يقول مجيبا عليه وأمثاله: ألا في الفتنة سقطوا وأن جهنم لمحيطة بالكافرين.
أي أن أمثال أولئك الذين تذرعوا بحجة الخوف من الذنب - هم الآن واقعون فيه فعلا، وأن جهنم محيطة بهم، لأنهم تركوا ما أمرهم الله ورسوله به وراء ظهورهم وانصرفوا عن الجهاد بذريعة الشبهة الشرعية!!
* * *