راضيا عن سلوكه هذا، بل وتشعر بالسرور الباطني، إلا أنك ولإثبات القبح الباطني للطرف المقابل تقول لصديقك: لم لا تركته يضربه على وجهه ويلطمه؟
وهدفك من هذا البيان إنما هو إثبات قساوة قلب هذا الظالم ونفاقه، الذي ورد في ثوب عتاب الصديق وملامته من قبلك؟
وهناك شبهة أخرى في تفسير الآية، وهي أنه: ألم يكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرف المنافقين حتى يقول له الله سبحانه: لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين؟
والجواب على هذا السؤال، هو:
أولا: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن يعرف المنافقين ويعلم حالهم عن طريق العلم الظاهري، ولا يكفي علم الغيب للحكم في الموضوعات، بل ينبغي أن ينكشف أمرهم عن طريق الأدلة المألوفة و (المعتادة).
ثانيا: لم يكن الهدف الوحيد أن يعلم النبي حالهم فحسب، بل لعل الهدف كان أن يعلم المسلمون جميعا حالهم، وإن كان الخطاب موجها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم يتناول القرآن أحد علامات المؤمنين والمنافقين، فيقول: لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم.
بل ينهضون مسرعين دون سأم أو ملل عند صدور الأمر بالجهاد ويدعوهم الإيمان بالله واليوم الآخر ومسؤولياتهم وإيمانهم بمحكمة القيامة، كل ذلك يدعوهم إلى هذا الطريق ويوصد بوجوههم الأعذار والحجج الواهية والله عليم بالمتقين.
ثم يضيف القرآن: إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر.
ويعقب مؤكدا عدم إيمانهم بالقول: وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون.
وبالرغم من أن الصفات الواردة في الآيات آنفا جاءت بصيغة الفعل المضارع،