2 ملاحظات 3 1 - التصفية لا الانتقام يستفاد من الآيات المتقدمة أن عذاب الله يفتقد جنبة الانتقام، لأنه عبارة عن تصفية نوع من البشر وزوالهم لعدم جدارتهم بالحياة، وليبقى الصالحون من بعدهم.. إن مثل هؤلاء المستكبرين الفاسدين والمفسدين لا أمل بإيمانهم، ولا حق لهم في الحياة في نظر نظام الخلق، وهكذا كان قوم نوح لأن الآيات السابقة تبين له أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، فلا أمل بإيمانهم فتهيأ لصنع " الفلك " ولا تخاطبني في الذين ظلموا.
وهذا الموضوع يبدو جليا في دعاء هذا النبي على قومه، فنحن نقرأ في سورة نوح (عليه السلام) قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا.
وأساسا فإن لكل موجود هدفا في نظام الخلقة، وحين ينحرف هذا الموجود عن هدفه ويغلق على نفسه جميع طرق الإصلاح، يكون وجوده وبقاؤه بلا معنى، ولا بد من أن يزول شاء أم أبى، وكا يقول الشاعر:
لا نضرة عندي ولا ورق ولا * ورد ولا ثمر ففيم بقائي 3 2 - علائم المستكبرين:
إن المستكبرين الأنانيين يحولون المسائل الجدية التي لا تنسجم مع رغباتهم وميولهم ومنافعهم إلى لعب واستهزاء. ولهذا السبب فإن الاستهزاء بالحقائق - ولا سيما فيما يتعلق بحياة المستضعفين - يشكل جزءا من حياتهم.. فكثيرا ما نجدهم من أجل أن يعطوا لجلساتهم المليئة بآثامهم رونقا وجمالا يبحثون عن مؤمن خالي اليد ليسخروا منه ويستهزأوا به.