لعلك لم تتل آياتنا خوفا من حجج المخالفين، أو أنك تلوتها ولكنهم كذبوك وقالوا افتريتها على الله سبحانه.
وفي الصورة الثانية يكون المعنى على النحو التالي:
لا تؤخر إبلاغ آياتنا لحجج المخالفين [ثم يضيف سبحانه] بل هم أساسا منكرون للوحي وللنبوة، ويزعمون أن الرسول يكذب على الله.
وفي الحقيقة. إن الله يخبر نبيه مع هذا البيان أن ما يطلبه هؤلاء من المعاجز المقترحة فليس لطلب " الحق "، بل لأنهم أساسا منكرون للنبوة. وإنما هي حجج وتعاليل يتذرعون بها!
وعلى كل حال، فعند التأمل في الآيات آنفة الذكر - وخاصة إذا دققنا النظر في كلماتها من الناحية الأدبية - نجد أن المعنى الثاني أقرب إلى مضاد الآيات، فتأملوا!
4 - لا شك أن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يري معاجزه للذين يطلبون الحق لتكون سندا لحقانية نبوته، ولا يستطيع أي نبي من الأنبياء أن يستند إلى ادعائه فحسب.
ولكن لا ريب ولا شك أن المخالفين الذين تحدثت عنهم الآيات لم يكونوا يطلبون الحقيقة ويبحثون عنها " وما كانوا يطلبونه من معاجز كانت معاجز اقتراحية على حسب ميولهم وأهوائهم ولا يقتنعون بأية معجزة أخرى ".
ومن المسلم أن هؤلاء محتالون وليسوا بطلاب حقيقة. فهل كان يجب على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تكون لديه كنوز عظيمة كما كان يريده منه مشركو مكة؟! أو أن يكون معه ملك يصدق دعوته وبلاغه؟!
وبعد هذا كله ألم يكن القرآن نفسه أعظم وأكبر من كل معجزة.. وإذا لم يكن أولئك في صدد التحجج والتحيل، فلماذا لم يذعنوا لآيات القرآن الذي كان يتحداهم ويقول لهم: فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين.