وتقول الآية التالية تهديدا للكفار، وتسلية لخاطر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون.
وتبين الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث قانونا كليا في شأن كل الأنبياء، ومن جملتهم نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكل الأمم ومن جملتها الأمة التي كانت تحيا في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فتقول: ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولها وبلغ رسالته، وآمن قسم منهم وكفر آخرون، فإن الله سبحانه يقضي بينهم بعدله، ولا يظلم ربك أحدا، فيبقى المؤمنون والصالحون يتمتعون بالحياة، أما الكافرون فإنهم فمصيرهم الفناء أو الهزيمة: فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون.
وهذا ما حصل لنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمته المعاصرة له، فإن أعداءه هلكوا في الحروب، أو انهزموا في النهاية وطردوا من ساحة المجتمع وأخذ المؤمنون زمام الأمور بأيديهم. وبناء على هذا فإن القضاء والحكم الذي ورد في هذه الآية هو القضاء التكويني في هذه الدنيا، وأما ما احتمله بعض المفسرين من أنه إشارة إلى حكم الله يوم القيامة. فهو خلاف الظاهر.
* * *