من مجموع هذه الآيات نحصل على نتيجة، وهي أن الصادقين هم الذين يؤدون تعهداتهم أمام الإيمان بالله على أحسن وجه دون أي تردد أو تماهل ولا يخافون سيل المصاعب والعقبات، بل يثبتون صدق إيمانهم بأنواع الفداء والتضحية.
ولا شك أن لهذه الصفات درجات، فقد يكون البعض في قمتها، وهم الذين نسميهم بالمعصومين، والبعض في درجات أقل وأدنى منها.
3 هل المراد من الصادقين هم المعصومون فقط؟
بالرغم من أن مفهوم الصادقين - كما ذكرنا سابقا - مفهوم واسع، إلا أن المستفاد من الروايات الكثيرة أن المراد من هذا المفهوم هنا هم المعصومون فقط.
يروي سليم بن قيس الهلالي: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان له يوما كلام مع جمع من المسلمين، ومن جملة ما قال: " فأنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. فقال سلمان: يا رسول الله أعامة هي أم خاصة؟ قال: أما المأمورون فالعامة من المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي والأوصياء من بعده إلى يوم القيامة "؟ قالوا: اللهم نعم (1).
ويروي نافع عن عبد الله بن عمر: إن الله سبحانه أمر أولا المسلمين أن يخافوا الله ثم قال: كونوا مع الصادقين يعني مع محمد وأهل بيته (2).
وبالرغم من أن بعض مفسري أهل السنة - كصاحب المنار - قد نقلوا ذيل الرواية أعلاه هكذا: مع محمد وأصحابه، ولكن مع ملاحظة أن مفهوم الآية عام وشامل لكل زمان، وصحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا في زمن خاص، تبين لنا أن العبارة التي وردت في كتب الشيعة عن عبد الله بن عمر هي الأصح.