تفسير نور الثقلين - الشيخ الحويزي - ج ٤ - الصفحة ٣٢٣
أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا هشام ثم مدح الله القلة فقال: (وقليل من عبادي الشكور).
31 - في روضة الكافي سهل بن عبيد الله (1) عن أحمد بن عمر قال: دخلت على أبى الحسن الرضا عليه السلام انا وحسين بن ثوير بن أبي فاختة فقلت له: جعلت فداك انا كنا في سعة من الرزق وغضارة من العيش (2) فتغيرت الحال بعض التغير، فادع الله عز وجل ان يرد ذلك إلينا، فقال: أي شئ تريدون تكونون ملوكا؟ أيسرك أن تكون مثل طاهر وهرثمة (3) وانك على خلاف ما أنت عليه؟ قلت: لا والله ما يسرني ان لي الدنيا بما فيها ذهبا وفضة وانى على خلاف ما أنا عليه، قال: فقال: فمن أيسر منكم فليشكر الله ان الله عز وجل يقول: (لئن شكرتم لأزيدنكم) وقال سبحانه وتعالى: (اعلموا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة 32 - في نهج البلاغة أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها حق الله عليكم، والموجبة على الله حقكم، وان تستعينوا عليها بالله وتستعينوا بها على الله فان التقوى في اليوم الحرز والجنة (4)، وفى غد الطريق إلى الجنة، مسلكها واضح وسالكها رابح ومستودعها حافظ لم تبرح عارضة نفسها على الأمم الماضين والغابرين لحاجتهم إليها غدا إذا أعاد الله ما أبدى وأخذ ما اعطى وسأل عما أسدي فما أقل من قبلها وحملها حق حملها (5)

(1) وفى بعض النسخ (سهل عن عبيد الله... اه) وهو الظاهر.
(2) الغضارة: طيب العيش.
(3) الطاهر هو أبو الطيب أو أبو طلحة طاهر بن الحسين المعروف بذو اليمينين والى خراسان وهرثمة هو هرثمة بن أعين وهو من أصحاب الرضا عليه السلام وكلاهما من قواد المأمون وخدمته، وقد مر الحديث في المجلد الثاني صفحة 527 وقد ذكرنا ترجمة الرجلين مختصرا في الذيل فراجع.
(4) الجنة - بضم الجيم -: ما يستتر به (5) قوله عليه السلام: (مستودعها حافظ) يعنى الله سبحانه لأنه مستودع الأعمال كما قال الله - سبحانه (انا لا نضيع أجر من أحسن عملا) قاله المحقق الخوئي والشارح المعتزلي وعن الراوندي (قده) انه أراد بالمستودع قلب الانسان ويجوز ان يراد بالمستودع الملائكة الحفظة التي هي وسائط بين الخلق وبين الله وقوله عليه السلام (لم تبرح عارضة نفسها.. اه) قال الشارح المعتزلي: كلام فصيح لطيف يقول: إن التقوى لم تزل عارضة نفسها على من سلف من القرون فقبلها القليل منهم شبهها بالمرأة العارضة نفسها نكاحا على قوم فرغب فيها من رغب وزهد من زهد.
وأسدي إليه: أحسن وقوله عليه السلام (وسأل عما أسدي) أي سأل أرباب الثروة عما أسدي وأحسن إليهم من النعم والآلاء فيم صرفوها وفيم أنفقوها؟ قوله عليه السلام (فما أقل من قبلها) يعنى ما أقل من قبل التقوى العارضة نفسها على الناس.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست