نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك، فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب وقال عز وجل: مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها، كلما أرادوا ان يخرجوا منها أعيدوا فيها، وكلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب، يا آدم ويا حوا لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري، وأحل بكما عن هواني (فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ما وورى عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما انى لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور) وحملهما على تمنى منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى اكلا من شجرة الحنطة، فعاد مكان ما اكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لهم يأكلاه، وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما اكلاه، فلما اكلا من الشجرة طار الحلى ولحلل عن أجسادهما وبقيا عريانين (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين * فقالا ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال اهبطا) من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني، فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش، فلما أراد الله عز وجل ان يتوب عليهما جاءهما جبرئيل عليه السلام فقال لهما إنكما ان ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاء كما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز وجل إلى ارضه، فسلا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما، فقالا: اللهم انا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والأئمة الا تبت علينا ورحمتنا، فتاب الله عليهما انه هو التواب الرحيم، فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و يخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أمتهم فيأبون حملها ويشفقون من ادعائها، وحملها الانسان الذي قد عرف بأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة وذلك قول الله عز وجل: (انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا).
260 حدثنا موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبد الله بن جعفر