حبنا وحب عدونا في جوف انسان، ان الله لم يجعل لرجل قلبين في جوفه فيحب بهذا ويبغض بهذا. فاما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه، فمن أراد ان يعلم فليمتحن قلبه، فان شارك في حبنا حب عدونا فليس منا، ولسنا منه، والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل والله عدو للكافرين.
8 - في مجمع البيان وقال أبو عبد الله عليه السلام: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، يحب بهذا قوما، ويحب بهذا أعدائهم.
9 - وفيه قوله: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) نزل في أبى معمر حميد بن معمر بن حبيب الفهدي، وكان لبيبا حافظا لما يسمع، وكان يقول: إن في جوفي لقلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، وكانت قريش تسميه ذا القلبين فلما كان يوم بدر وهزم المشركون وفيهم أبو معمر تلقاه أبو سفيان بن حرب وهو آخذ بيده إحدى نعليه، فقال له: يا أبا معمر ما حال الناس؟ قال: انهزموا قال:
فما بالك إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك؟ فقال أبو معمر: ما شعرت الا انهما في رجلي، فعرفوا يومئذ انه لم يكن له الا قلب واحد لما نسي نعله في يده.
10 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل وما جعل أدعيائكم أبنائكم فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
كان سبب ذلك ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما تزوج بخديجة بنت خويلد خرج إلى سوق عكاظ في تجارة، ورأى زيدا يباع ورآه غلاما كيسا حصينا، فاشتراه فلما نبئ رسول الله صلى الله عليه وآله دعاه إلى الاسلام فأسلم، وكان يدعى زيد مولى محمد فلما بلغ حارثة بن شراحيل الكلبي خبر ولده زيد قدم مكة، وكان رجلا جليلا فاتى أبا طالب فقال: يا أبا طالب ان ابني وقع عليه السبي وبلغني انه صار إلى ابن أخيك تسأله إما ان يبيعه واما ان يفاديه واما ان يعتقه، فكلم أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله: هو حر فليذهب حيث شاء، فقام حارثة فأخذ بيد زيد فقال له: يا بنى الحق بشرفك وحسبك فقال زيد: لست أفارق رسول الله فقال له أبوه: فتدع حسبك ونسبك وتكون عبدا لقريش؟ فقال زيد: لست أفارق رسول الله صلى الله عليه وآله ما دمت حيا، فغضب أبوه فقال: يا معشر قريش اشهدوا انى قد برئت منه وليس هو