يكون فوق الداعي. والسمع: إدراك الصوت. والمثل: قول سائر يدل على أن سبيل الثاني سبيل الأول.
قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون (172) آية بلا خلاف.
المعنى:
هذا الخطاب يتوجه إلى جميع المؤمنين، وقد بينا أن المؤمن هو المصدق بما وجب عليه،، ويدخل فيه الفساق بأفعال الجوارح، وغيرها، لان الايمان لا ينفي الفسق - عندنا -. وعند المعتزلة: إنه خطاب لمجتنبي الكبائر، وإنما يدخل فيه الفساق على طريق التبع، والتغليب، كما يغلب المذكر على المؤنث في قولك: الإماء والعبيد جاوزني، وقد بينا فيما تقدم أن أفعال الجوارح لا تسمى إيمانا - عند أكثر المرجئة، وأكثر أصحابنا - وإن بعضهم يسمي ذلك إيمانا، لما رووه عن الرضا (ع). وإيمان مأخوذ من أمان العقاب - عند من قال: إنه تناول مجتنبي الكبائر - وعند الآخرين من أمان الخطأ، في الاعتقاد الواجب عليه. وفي المخالفين من يجعل الطاعات الواجبات، والنوافل من الايمان. وفيهم من يجعل الواجبات فقط إيمانا، ويسمي النوافل إيمانا مجازا.
وقوله " كلوا " ظاهره ظاهر الامر، والمراد به الإباحة، والتخيير، لان الاكل ليس بواجب إلا أنه متى أراد الاكل، فلا يجوز أن يأكل إلا من الحلال الطيب، ومتى كان الوقت وقت الحاجة فإنه محمول على ظاهره في باب الأمر:
سواء قلنا: إنه يقتضي الايجاب أو الندب.
وفي الآية دلالة على النهي عن أكل الخبيث - في قول البلخي، وغيره - كأنه قيل: كلوا من الطيب دون الخبيث، كما لو قال: كلوا من الحلال، لكان ذلك