وقيل في معنى قوله: " حق تقاته " قولان:
أحدهما - قال ابن مسعود، والحسن، وقتادة: إن يطاع فلا يعصى ويشكر فلا يكفر ويذكر فلا ينسى، وهو المروي عن أبي عبد الله (ع). وقال الجبائي:
هو أن يتقى جميع معاصيه. وظاهر الآية يقتضي أنه خطاب للمؤمنين خاصة، ويجوز أن يحمل من جهة المعنى على جميع المكلفين على التغليب، لأنه معلوم أنه يجب عليهم من ذلك مثل ما يجب على المؤمنين من اتقاء جميع معاصي الله.
اللغة:
وقوله: " تقاته " هو من وقيت. قال الزجاج: يجوز فيه ثلاثة أوجه تقاة ووقاة واقاة وحمله على قياس وجوه وأجوه وإن كان هذا المثال لم يجئ منه شئ على الأصل نحو تخمة ونكاة ونقاة غير أنه حمله على الأكثر من نظائره وجعل اختصاص هذا البناء في الاستعمال، لا يمنع من حمله على نظيره في القياس، لان بإزاء قوة الاستعمال قوة النظير في الباب.
المعنى، واللغة:
وقوله: (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) معناه لا تتركوا الاسلام وإنما قال: " فلا تموتن " بلفظ النهي عن الموت من حيث أن الموت لابد منه، فكأنه قال كونوا على الاسلام، فإذا ورد عليكم الموت صادفكم على الاسلام، فالنهي في الحقيقة عن ترك الاسلام، لئلا يهلكوا بالاقتطاع عن التمكين منه بالموت إلا أنه وضع كلام موضع كلام على جهة تصرف الابدال، لحسن الاستعارة، وزوال اللبس، لأنه لما كان يمكنهم أن يفارقوه بالاسلام فترك الاسلام صار بمنزلة ما قد دخل في إمكانهم. ومثله قولهم لا أراك ههنا أي لا تكونن ههنا، فان من كان ههنا رأيته إلا أن هذا خرج مخرج النهي لغير المنهي عنه فتباعد عن الأصل، فالأول أحسن. لأنه أعدل. وروي عن أبي عبد الله (ع) " وأنتم مسلمون "