النار، ولا يجب من ذلك أن تكون أفعالهم أفعالا للنبي صلى الله عليه وآله، ولا مشاركا لهم.
ومعنى ألف بين قلوبهم وأنقذهم من النار أنه دعاهم إلى الايمان وبين لهم وهداهم، ورغبهم وحذرهم، فلما كان إسلامهم ونجاتهم بمعونته ودعائه، كان هو المؤلف لقلوبهم، والمنقذ لهم من النار على هذا المعنى، لا أنه صنع أفعالهم، وأحدثها.
فان قيل: فقد فعل الله مثل ذلك بالكافرين هلا قلتم أنه ألف بينهم؟ قلنا: لا تقول ذلك وإن كان فعل بهم في الابتداء مثل الذي فعل بالمؤمن، لأنه لم يوجد منهم إيمان، فلا يجوز إطلاق ذلك عليهم، ولما وجد من المؤمن ذلك جاز إضافة ذلك إلى الله تعالى وجرى ذلك مجرى قوله " هدى للمتقين " أنه أضيف إلى المتقين من حيث اهتدوا به. وإن كان هداية للكافرين أيضا. ويجوز أن يقال: ألف الله بين الكفار، فلم يأتلفوا وانقذهم، فلم يستنقذوا، فيقيد ذلك، كما قال: " وإما ثمود، فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " (1) ولا يجوز أن يقال: هدى الله ثمود ويسكت. ومثل ذلك لو أن إنسانا اعطى ولدين له مالا وأمرهما بالتجارة وبين لهما وجوه المكاسب فكسب أحدهما ما لا واستغنى، وضيع الاخر، فافتقر جاز أن يقال أن فلانا أغنى ولده الغني، ولا يجوز أن يقال اغنى ولده الفقير على أنا لا نقول إن الله تعالى فعل بالكافر جميع ما فعل بالمؤمن، لان الذي سوى بينهما ما يتعلق بإزاحة العلة في التكليف من الاقدار والاعلام والدلالة، وما به يتمكن من فعل الايمان، فأما الألطاف التي يفعلها الله بالمؤمن بعد إيمانه التي علمها له بعد الايمان ولم يعلمها للكافر، فلا نقول أنه فعل بالكافر مثلها، ولا يمتنع أن تكون هذه الزيادة من الألطاف مشروطة بحال الايمان، فالاطلاق لا يصح على كل حال.
قوله تعالى:
(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير يأمرون بالمعروف