أقوى بالجهر منها. والفرق بين الطاعة والتطوع: ان الطاعة موافقة الإرادة في الفريضة والنافلة. والتطوع التبرز بالنافلة خاصة. واصلها الطوع الذي هو الانقياد.
المعنى:
وإنما قال (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) وهو طاعة، من حيث أنه جواب لمن توهم أن فيه جناحا، لصنمين كانا عليه: أحدهما إساف، والآخر نائلة، في قول الشعبي، وكثير من أهل العلم. وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) وكان ذلك في عمرة القضاء ولم يكن فتح مكة بعد، وكانت الأصنام على حالها حول الكعبة وقال قوم: سبب ذلك أن أهل الجاهلية كانوا يطوفون بينهما، فكره المسلمون ذلك خوفا أن يكون من أفعال الجاهلية، فأنزل الله تعالى الآية. وقال قوم عكس ذلك:
أن أهل الجاهلية كانوا يكرهون السعي بينهما، فظن قوم أن في الاسلام مثل ذلك، فأنزل الله تعالى الآية. وجملته أن في الآية ردا على جميع من كرهه، لاختلاف أسبابه. والطواف بينهما فرض عندنا في الحج والعمرة، وبه قال الحسن وعائشة وغيرهما، وهو مذهب الشافعي، وأصحابه. وقال أنس بن مالك، وروى عن ابن عباس: أنه تطوع وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه، واختاره الجبائي. وعندنا ان من ترك الطواف بينهما متعمدا، فلا حج له حتى يعود فيسعى، وبه قالت عائشة، والشافعي. وقال أبو حنيفة، وأصحابه، والنوري: إن عاد، فحسن، وإلا جبره بدم، وقال عطا، ومجاهد يجزيه ولا شئ عليه. وقوله تعالى: (ومن تطوع خيرا) قيل فيه ثلاثة أقوال:
أولها " من تطوع خيرا " اي بالحج أو العمرة بعد الفريضة. الثاني - " ومن تطوع خيرا " أي بالطواف بهما عند من قال إنه نفل. الثالث - " من تطوع خيرا " بعد الفرائض، وهذا هو الأولى، لأنه أعم. وفي الناس من قال: وهو الجبائي، وغيره:
إن التقدير فلا جناح عليه ألا يطوف بهما كما قال: " يبين الله لكم أن تضلوا " ومعناه ألا تضلوا وكما قال: " أن تقولوا يوم القيامة " (1). ومعناه الا تقولوا.