على ذلك؟ فقال الله عز وجل: (إن في خلق السماوات والأرض) الآية إلى آخرها.
ووجه الدلالة من الآية (أن في خلق السماوات والأرض) يدل على أن لها خالق، لا يشبهها ولا تشبهه، لأنه لا يقدر على خلق الأجسام إلا القديم القادر لنفسه الذي ليس بجسم، ولا عرض، إذ جميع ذلك محدث ولابد له من محدث ليس بمحدث، لاستحالة التسلسل. وأما (الليل والنهار)، فيدلان على عالم مدبر من جهة أنه فعل محكم، متقن، واقع على نظام واحد، وترتيب واحد، لا يدخل شيئا من ذلك تفاوت، ولا اختلاف.
وأما (الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس) فتدل على منعم دبر ذلك لمنافع خلقه، ليس من جنس البشر، ولا من قبيل الأجسام، لان الأجسام يتعذر عليها فعل ذلك.
وأما الماء الذي ينزل من السماء، فيدل على منعم به يقدر على التصريف فيما يشاء من الأمور، لا يعجزه شئ.
وأما (إحياء الأرض بعد موتها)، فيدل على الانعام بما يحتاج إليه العباد.
وإحياؤها: إخراج النبات منها، وأنواع الثمار (وبث فيها من كل دابة) دال على أن لها صانعا مخالفا لها منعما بأنواع النعم. (وتصريف الرياح) يدل على الاقتدار على ما لا يتأتى من العباد ولو حرصوا كل الحرص، واجتهدوا كل الاجتهاد، لأنه إذا ذهبت جنوبا مثلا، فاجتمع جميع الخلق على أن يقلبوها شمالا أو صبا أو دبورا، لما قدروا على ذلك، ولا تمكنوا على رده من الجهة التي يجئ منها.
وأما (السحاب المسخر) فيدل على أنه يمسكه القديم، والذي لا شبه له ولا نظير، لأنه لا يقدر على تسكين الأجسام الثقال بغير علاقة ولا دعامة إلا الله تعالى، وكذلك لا يقدر على تسكين الأرض كذلك إلا القادر لنفسه،، فهي تدل على صانع غير مصنوع قديم لا يشبهه شئ، قادر لا يعجزه شئ، عالم لا يخفى عليه شئ، حي لا يموت واحد ليس كمثله شي، سميع بصير (لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات