وهما بمعنى واحد، وإنما كرر لاختلاف لفظهما. وقيل: إنه أراد بالبينات الحجج الدالة على نبوته صلى الله عليه وآله وبالهدى إلى ما يؤديه إلى الخلق من الشرائع، فعلى هذا لا تكرار.
اللغة:
واللعن في الأصل الابعاد على وجه الطرد قال الشماخ:
ذعرت به القطا ونفيت عنه * مقام الذئب كالرجل اللعين (1) أراد مقام الذئب اللعن. واللعين في الحكم: الابعاد - من رحمة الله - بايجاب العقوبة، فلا يجوز لعن ما لا يستحق العقوبة. وقول القائل: لعنه الله دعاء، كأنه قال: أبعده الله، فإذا لعن الله عبدا، فمعناه الاخبار بأنه أبعده من رحمته.
المعنى:
والمعني بقوله و (يلعنهم اللاعنون) قيل فيه أربعة أقوال:
أحدها - قال قتادة، والربيع، واختاره الجبائي، والرماني، وغيرهما: انهم الملائكة والمؤمنون - وهو الصحيح -، لقوله تعالى في وعيد الكفار (أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) (2) فلعنة اللاعنين كلعنة الكافرين.
الثاني - قال مجاهد، وعكرمة: إنها دواب الأرض، وهو انها تقول منعنا القطر لمعاصي بني آدم.
الثالث - حكاه الفراء أنه كل شئ سوى الثقلين الإنس والجن، رواه عن ابن عباس.
الرابع - قاله ابن مسعود: أنه إذا تلاعن الرجلان رجعت اللعنة على المستحق لها، فإن لم يستحقها واحد منهم رجعت على اليهود الذين كتموا ما أنزل الله. فان قيل:
كيف يجوز على قول من قال: المراد به البهائم اللاعنون، وهل يجوز على قياس ذلك الذاهبون؟
قلنا لما أضيف إليها فعل ما يعقل عوملت معاملة ما يعقل كما قال تعالى (والشمس والقمر رأيتهم لي