وروي عن أبي جعفر (ع) أنه قال: هو الرجل يكتسب المال، ولا يعمل فيه خيرا، فيرثه من يعمل فيه عملا صالحا، فيرى الأول ما كسبه حسرة في ميزان غيره فان قيل: لو جاز أن تضاف الاعمال التي رغبوا فيها، ولم يفعلوها بأنها أعمالهم لجاز أن يقال: الجنة دارهم وحور العين أزواجهم لأنهم عرضوا لها! قلنا لا يجب ذلك، لأنا إنما حملنا على ذلك للضرورة. ولو سمى الله تعالى الجنة بأنها دارهم لتأولنا ذلك، ولكن لم يثبت ذلك، فلا يقاس على غيره.
الثالث - الثواب، فان الله تعالى يريهم مقادير الثواب التي عرضهم لها لو فعلوا الطاعات فيتحسرون عليه - لم فرطوا فيه - والقول الأول قول الربيع، وابن زيد، واختيار الجبائي، وأحد قولي البلخي. والثاني قول عبد الله، والسدي، وأحد قولي البلخي. وهو كما تقول الانسان أقبل على عملك وأعقدت عليه عملا قلت في عملك، والذي أقوله: ان الكلام يحتمل أمرين: فلا ينبغي أن يقطع على واحد منهما إلا بدليل إلا أن الأول أقوى، لأنه الحقيقة. والله أعلم بمراده.
اللغة:
والحسرات: جمع الحسرة، وهي أشد من الندامة. والفرق بينهما وبين الإرادة ان الحسرة تتعلق بالماضي خاصه، والإرادة تتعلق بالمستقبل، لان الحسرة إنما هي على ما فات بوقوعه أو يتقضي وقته. وإنما حركت السين، لأنه اسم على فعلة أوسطه ليس من حروف العلة، ولو كان صفة لقلت: صعبات فلم يحرك، وكذلك جوزات وبيضات. وإنما حرك الاسم، لأنه على خلاف الجمع السالم، إذ كان كان إنما يستحقه ما يعقل.
والحسرة والندامة نظائر، وهي نقيض الغبطة. وتقول: حسرت العمامة عن رأسي إذا كشفتها. وحسر عن ذراعيه حسرا، وانحسر انحسارا، وحسرة تحسيرا.
والحاسر في الخرب الذي لا درع عليه، ولا مغفر. وحسر يحسر حسرة وحسرا:
إذا كمد على الشئ الفائت (1)، وتلهف عليه. وحسرت الناقة حسورا: إذا أعيت.