عليهم، هذا إن جعل الرؤية من رؤية البصر. وإن جعلها من رؤية القلب، فلا يجوز أيضا، لان المفعول الثاني في هذا الباب هو الأول في المعنى: وقوله تعالى:
" إن القوة لله " لا يكون الذين ظلموا، فلم يبق بعد ذلك إلا أنه ينتصب بفعل محذوف. والكسر مع التاء مثل الكسر مع الياء. واختار الفراء - مع الياء - الفتح، ومع التاء الكسر، لان الرؤية قد وقعت على الذين، وجواب لو محذوف، كأنه قيل: لرأوا مضرة اتخاذهم للأنداد، ولرأوا أمرا عظيما لا يحصر بالأوهام. وحذف الجواب، يدل على المبالغة، كقولك: لو رأيت السياط تأخذ فلانا.
والضمير في قوله " يتخذ " عائد على لفظ من. وفي قوله يحبونهم على معنى من، لان من مبهم، فمرة يحمل الكلام منها على اللفظ، وأخرى على المعنى، كما قال:
" ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا " (1) - بالتاء، والياء - حملا لمن على اللفظ والمعنى.
واتصلت الآية بما قبلها اتصال انكار، كأنه قال: أبعد هذا البيان والأدلة القاهرة على وحدانيته، يتخذون الأنداد من دون الله.
ومن قرأ قوله " ولو ترى " - بالتاء - جعل الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به غيره، كما قال: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء " (2). والذين على هذا في موضع نصب. ومن قرأ بالياء يكون الذين في موضع رفع بأنهم الفاعلون.
وقوله " جميعا " نصب على الحال، كأنه قيل: إن القوة لله ثابتة لله في حال اجتماعها. وهي صفة مبالغة بمعنى إذا رأوا مقدورات الله فيما تقدم الوعيد به، علموا أن الله قادر لا يعجزه شئ.
والشدة قوة العقد، وهو ضد الرخاوة. والقوة والقدرة واحد. و (ترى) في قوله تعالى: " ولو ترى " من رؤية العين بدلالة أنها تعدت إلى مفعول واحد، لان التقدير ولو ترون أن القوة لله جميعا أي ولو يرى الكفار ذلك.