حسبت بغام راحلتي عناقا * وما هي ويب غيرك بالعناق (1) أي صوت عناق. وقال أبو مسلم: معناه ثمنها لو بيعت كثمن السماوات والأرض لو بيعا. كما يقال عرضت هذا المتاع للبيع. والمراد بذلك عظم مقدارها، وجلالة قدرها، وانه لا يوازيها شئ وإن عظم، وهذا مليح غير أن فيه تعسفا شديدا. فان قيل إذا كانت الجنة عرضها السماوات والأرض فأين تكون النار؟!
الجواب أنه روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه لما سئل عن ذلك، فقال: (سبحان الله إذا جاء النهار فأين الليل) وهذه معارضة فيها إسقاط المسألة، لان القادر على أن يذهب بالليل حيث شاء قادر على أن يذهب بالنهار حيث شاء وروي أنه سئل عن ذلك ابن عباس، وغيره من الصحابة، فان قيل فان الجنة في السماء، كيف يكون لها هذا العرض؟ قيل له يزاد فيها يوم القيامة. ذكره أبو بكر أحمد بن علي على تسليم انها في السماء ويجوز أن تكون الجنة مخلوقة في غير السماوات والأرض. وفي الناس من قال: ان الجنة والنار ما خلقتا بعد وإنما بخلقهما الله على ما وصفه. وقال البلخي المراد بذلك وصفها بالسعة والعظم، كما يقول القائل في دار واسعة هذه دنيا وغرضه بذلك وصفه لها بالكبر وقوله: " أعدت للمتقين " معنى المتقين المطيعين لله ورسوله لاجتنابهم المعاصي وفعلهم الطاعات.
ويجوز لاحتجازهم بالطاعة من العقوبة. وإنما أضيفت إلى المتقين، لأنهم المقصودون بها، وان دخلها الأطفال، والمجانين، فعلى وجه التبع، وكذلك حكم الفساق لو عفي عنهم.
وفيمن تكلم في أصول الفقه من استدل بقوله: " وسارعوا إلى مغفرة " على أن الامر يقتضي الفور دون التراخي، لأنه تعالى أمر بالمسارعة والمبادرة إلى مغفرة وذلك يقتضي التعجيل. ومن خالف في تلك، قال: المسارعة إلى ما يقتضي