فيكون من صفتهم ما تضمنه على قول الحسن، ويحتمل أن يكون رفعا على الاستئناف، ويكون عطف جملة على جملة، فيكون من صفة فرقة غير الأولى، ويجوز أن يرجع إلى الأولى في الموضع على المدح.
المعنى:
وقوله: " إذا فعلوا فاحشة " يحتمل أن يكون أراد غير الظلم، ولذلك عطف عليه بقوله: " أو ظلموا أنفسهم " حتى لا يكون تكرارا. وقال الرماني: أراد بالفاحشة الكبيرة، وب " ظلموا أنفسهم " الصغيرة. وقال مجاهد: هما ذنبان وأصل الفاحشة الفحش، وهو الخروج إلى عظم القبح في العقل أو رأي العين فيه.
وكذلك قيل للطويل المفرط أنه الفاحش الطول، وأفحش فلان في كلامه إذا أفصح بذكر الفحش. وقال جابر والسدي: الفاحشة ههنا: الزنا أو ما جرى مجراه من الكبير. وقوله: " ذكروا الله " في معناه قولان:
أحدهما - ذكروا وعيد الله، فيكون من الذكر بعد النسيان. والمدح على أنهم تعرضوا للذكر.
والاخر - انهم ذكروا الله بأن قالوا: اللهم اغفر لنا ذنوبنا، فانا تبنا، نادمين عليها مقلعين عنها وقال ابن مسعود، وعطا ابن أبي رياح: كانت بنو إسرائيل إذا أذنب الواحد منهم ذنبا أصبح مكتوبا على بابه كفارة ذنبك اجدع اذنك اجدع انفك، فسهل الله ذلك على هذه الأمة بأن جعل توبتها الاستغفار بدلا منه منة منه تعالى. وقوله: (ومن يغفر الذنوب إلا الله) الرفع محمول على المعنى. وتقديره: وهل يغفر الذنوب إلا الله أو هل رئي أحد يغفر الذنوب إلا الله.
فان قيل: كيف قال: " ومن يغفر الذنوب إلا الله " وقد يغفر بعضنا لبعض إساءته إليه؟ قلنا عنه جوابان:
أحدهما - أنه أراد بذلك غفران الكبائر العظام، لان الإساءة من بعضنا لبعض صغيرة بالإضافة إلى ما يستحق من جهته.