بعد إيمانكم " (1) وليس كل من دخل النار كفر بعد إيمانه. ومثله قوله: " كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير " (2) وليس كل الكفار يقول ذلك. ومنه قوله: " فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون. قالوا وهم فيها يختصمون تالله ان كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين " (3) وليس كل الكفار سووا الشياطين برب العالمين.
والثاني - أنه لا يقال أعدت لغيرهم من الفاسقين، لان اعدادها للكافرين من حيث كان عقابهم هو المعتمد وعقاب الآخرين له تبع، كما قال: " وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين " (4) ولا خلاف أنه يدخلها الأطفال والمجانين إلا أنهم تبع للمتقين، لأنه لولاهم لم يدخلوها. ولا يقال: إن الجنة أعدت لغير المتقين.
الثالث - أن تكون هذه النار نارا مخصوصة فيها الكفار خاصة دون الفساق وإن كان هناك نار أخرى يدخلها الفساق، كما قال: " لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى " (5) وكما قال: " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " (6) وهذا قول أبي علي. واستدل البلخي بهذه الآية على أن الربا كبيرة، لان تقديره " واتقوا النار التي أعدت للكافرين " ان يأكلوا الربا، فيستحقونها. والاجماع حاصل على أن الربا كبيرة، فلا يحتاج إلى هذا التأويل، لان الآية يمكن أن يقول قائل: إنها بمعنى الزجر والتحذير عن الكفر، فقط وقوله: " أعدت " فالاعداد هو تقديم عمل الشئ لغيره مما هو متأخر عنه وقد قدم فعل النار ليصلاها الكفار. والاعداد والايجاد والتهيئة والتقدمة متقاربة المعنى وقوله: " وأطيعوا الله والرسول ": أمر بالطاعة لله ورسوله. والوجه في الامر بالطاعة لله ورسوله مع أن العقل دال عليه يحتمل أمرين:
أحدهما - أن يكون ذلك تأكيدا لما في العقل، كما وردت نظائره، كقوله: