والسيما العلامة قال الله تعالى " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " (1) فالتسويم العلامة قال الشاعر:
مسومين بسيما النار أنفسهم * لا مهتدين ولا بالحق راضينا وأصل الباب السوم في المرعى، وهو الاستمرار فيه فمنه السيماء، لأنهم كانوا يعلمونها: إذا أرسلت في المرعى لئلا تختلط، ومنه السوم في البيع، ومنه سوم الريح استمرارها في هبوبها. ومنه سوم الخسف، لأنه استمرار في إلزام الشر.
وقوله: " من فورهم " قال ابن عباس، والحسن، وقتادة، والربيع، والسدي وابن زيد: معناه من وجههم. وقال مجاهد والضحاك وأبو صالح من غضبهم، فعلى القول الأول إنما هو فور الانتداب لهم، وهو ابتداؤه، وعلى القول الثاني فور الغضب، وهو غليانه.
وأصل الفور فور القدر، وهو غليانها عند شدة الحمى، فمنه فورة الغضب، لأنه كفور القدر بالحمى، ومنه جاء فلان على الفور أي على أشد الحمى، لفعله قبل أن تبرد نفسه. ومنه فارت العين بالماء أي جاشت به ومنه الفوارة، لأنها تفور بالماء كما تفور القدر بما فيها. فان قيل: كيف قال في الآية الأولى ان الامداد بثلاثة آلاف، وفي هذه بخمسة آلاف. وهذا ظاهر التناقض؟! قلنا: لا تناقض في ذلك لان في الآية الأولى وعد الله المؤمنين على لسان نبيه بأن يمدهم بثلاثة آلاف منزلين ثم قال " بلي إن تصبروا وتتقوا " يعني تصبروا على الجهاد، والقتال، وتتقوا معاصي الله " ويأتوكم من فورهم " وهذا يعني ان رجعوا إليكم، لان الكفار في غزاة أحد بعد انصرافهم ندموا لم لم يعبروا على المدينة وهموا بالرجوع، فأوحى الله تعالى إلى نبيه أن يأمر أصحابه بالتهيؤ للرجوع إليهم. وقال لهم " ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله " (2) ثم قال إن صبرتم على الجهاد وراجعتم الكفار، أمدكم الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، فأخذوا في