قد فعل الابتلاء بهذه الأشياء، والمشركون أوقعوها بالمؤمنين ففي ذلك إيجاب فعل من فاعلين. قلنا: لا يجب ذلك، لان الذي يفعله الله تعالى غير الذي يفعله المشركون، لان علينا ان نرضى بما فعله الله ونسخط مما فعله المشركون، وليس يقدرون على شئ مما ذكر في الآية، ولكنهم يقدورن على التعريض له بما هو محرم عليهم، وقبيح منهم.
الاعراب:
وفتحت الواو في لنبلونكم لامرين:
أحدهما - للعلة التي فتحت الراء في لننصرنكم (1) وهو أنه بني على الفتحة، لأنها أخف إذ استحق البناء على الحركة كما استحق (يا) في النداء حكم البناء على الحركة.
الثاني - أنه فتح لالتقاء الساكنين إذ كان قبل معتلا لا يدخله الرفع.
المعنى:
وإنما قال: " بشئ " من الخوف ولم يقل: بأشياء لامرين:
أحدهما - لئلا توهم بأشياء من كل واحد، فيدل على ضروب الخوف، ويكون الجمع كجمع الأجناس للاختلاف، فقدر: شئ من كذا، وشئ من كذا، وأغني المذكور عن المحذوف.
والثاني - أنه وضع الواحد في موضع الجمع للابهام الذي فيه ك (من).
والابتلاء بما ذكر لابد أن يكون فيه لطف في الدين، وعوض في مقابلته، ولا يحسن فعل ذلك لمجرد العوض - على ما ذهب إليه قوم -. فان قيل: الابتلاء بأمر القبلة وغيره من عبادات الشرع هل يجري مجرى الألم - عند المصيبة؟ قلنا:
لا، بلا خلاف هاهنا، فإنه لابد أن يكون فيه لطف في الدين فان (2) كان فيه