فجعل الضلالة موتا، والهداية حياة. وقيل: معناه ليس هم أمواتا بانقطاع الذكر، بل هم احياء ببقاء الذكر عند الله، وثبوت الاجر عنده. واستدل أبو علي الجبائي على أنهم أحياء في الحقيقة بقوله: (ولكن لا تشعرون) فقال: لو كان المعنى سيحيون في الآخرة، لم يقل للمؤمنين المقرين بالبعث، والنشور (ولكن لا تشعرون لأنهم يعلمون ذلك، ويشعرون به. فان قيل: ولم خص الشهداء بأنهم احياء والمؤمنون كلهم في البرزخ أحياء؟ قيل يجوز أن يكونوا ذكروا اختصاصا، تشريفا لهم. وقد يكون على جهة التقديم للبشارة بذكر حالهم في البيان لما يختصون به من أنهم يرزقون، كما قال تعالى (بل احياء عند ربهم يرزقون) (1). وإنما قيل للجهاد سبيل الله، لأنه طريق إلى ثواب الله تعالى.
اللغة:
والموت: نقص بنية الحياة. والموت - عند من قال إنه معنى عرضي - ينافي الحياة منافاة التعاقب. ومن قال: ليس بمعنى قال: هو عبارة عن فساد بنية الحياة.
فأما الحياة، فهي معنى بلا خلاف.
الاعراب:
وقوله: (أموات) رفع بأنه خبر ابتداء محذوف، كأنه قال: لا تقولوا هم أموات. ولا يجوز فيه النصب على قولك: قلت خيرا، لأنه الخير في موضع المصدر كأنه قال: قلت قولا حسنا. فاما قوله (ويقولون طاعة) (2) فيجوز فيه الرفع والنصب في العربية: الرفع على منا طاعة: والنصب على نطيع طاعة والفرق بين (بل) و (لكن) ان (لكن) نفي لاحد الشيئين، وإثبات للآخر، كقولك: ما قام زيد لكن عمرو، وليس كذلك (بل)، لأنها للاضراب عن الأول، والاثبات للثاني، ولذلك وقعت في الايجاب كقولك: قام زيد بل عمرو. فاما إذا قصد المتكلم، فإنما هو ليدل