وتقديره: ولا تكفروا نعمتي، لان الكفر هو ستر النعمة وجحدها. لأستر المنعم.
وقولهم حمدت زيدا، وذممت عمرا، فلا حذف فيه وإن كنت إنما تحمد من اجل الفعل الحسن، وتذم من اجل الفعل القبيح. كما أنه ليس في قولك: زيد متحرك حذف، وإن كان إنما تحرك من أجل الحركة. وليس كل كلام دال على معني غير مذكور يكون فيه حذف، لان قولك زيد ضارب دال على مضروب، وليس بمحذوف، وكذلك زيد قاتل دال على مقتول، وليس بمحذوف، فالحمد للشئ دلالة على أنه محسن، والذم له دلالة على أنه مسئ كقولك: نعم الرجل زيد، وبئس الرجل عمرو، وكذلك قولك: زيد المحسن، وعمرو المسئ، ليس فيه محذوف ويقال:
شكرتك، وشكرت لك، وإنما قيل شكرتك، لأنه أوقع اسم المنعم موقع النعمة، فعدى الفعل بغير واسطة والأجود. شكرت لك النعمة، لأنه الأصل في الكلام، والأكثر في الاستعمال. قال الشاعر (1):
هم جمعوا بؤسى ونعمى عليكم * فهلا شكرت القوم إذ لم تقاتل (2) ومثل ذلك نصحتك، ونصحت لك، وإنما حذف (الياء) في الفواصل، لأنها في نية الوقف، فلذلك قال (ولا تكفرون) بغير (ياء) وهي في ذلك كالقوافي التي يوقف عليها بغير ياء كقول الأعشى:
ومن شانئ كاشف وجهه * إذا ما انتسبت له أنكرن (3) يعني أنكرني فحذف الياء.