ليطمئن قلبي إلى أنه لا يقتلني الجبار، وقال قوم إنما سأل ذلك لقومه، كما سأل موسى الرؤية، لقومه. وقال قوم: إنما سأله، لأنه أحب أن يعلم ذلك علم عيان بعد أن كان عالما به من جهة الاستدلال. وهو أقوى الوجوه. وقال قوم: إنما سأل ذلك، لأنه كان شاكا فيه. وروي فيه رواية، فهذا باطل، لأن الشك في أن الله قادر على احياء الموتى كفر لا يجوز على الأنبياء، لأنه تعالى لا يجوز أن يبعث إلى خلقه من هو جاهل بما يجوز عليه وما لا يجوز. والذي يبين ذلك أن الله تعالى لما قال له " أولم تؤمن " فقرر أنه قال إبراهيم " بلى ولكن ليطمئن قلبي " فبين أنه عارف بذلك مصدق به، وإنما سأل تخفيف المحنة بمقاساة الشبهات، ودفعها عن النفس.
والألف في قوله " أولم تؤمن " ألف إيجاب قال الشاعر:
ألستم خير من ركب المطايا * وأندى العالمين بطون راح (1) أي قد آمنت لا محالة، فلم تسأل ذا، فقال: " ليطمئن قلبي " وقوله: (ليطمئن قلبي) معناه ليزداد يقينا إلى يقينه، وهو قول الحسن، وقتادة، وسعيد بن جبير، والربيع، ومجاهد، ولا يجوز " ليطمئن قلبي " بالعلم بعد الشك الذي قد اضطرب به لما بيناه، ولكن يجوز أن يطلب علم البيان بعد علم الاستدلال. وقيل معناه " ليطمئن قلبي " بأن لا يقتلني الجبار.
اللغة والمعنى:
ويقال: اطمأن يطمئن اطمئنانا: إذا تواطأ والمطمئن من الأرض ما انخفض وتطامن، واطمأن إليه إذا وثق به، لسكون نفسه إليه، ولتوطي حاله بالأمانة عنده، وأصل الباب التوطئة.
وقوله: (قال فخذ أربعة من الطير) قيل أنها الديك، والطاووس، والغراب، والحمام. أمر أن يقطعها ويخلط ريشها بدمها، ويجعل على كل جبل منهن جزءا،