وقال: علام تقاتلون خليفتكم، قالوا: نخاف الفتنة، قال: فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل، فرجعوا فقاتلوا: نسير على ناحيتنا، فإن عليا قبل القضية، قاتلناهم يوم صفين، وإن نقضها قاتلنا معه، فساروا حتى بلغوا النهروان، فافترقت منهم فرقة فجعلوا يهدون الناس قتلا، فقال أصحابهم: ويلكم ما على هذا فارقنا عليا فبلغ عليا، أمرهم فقام فخطب الناس فقال: أما ترون، أتسيرون إلى أهل الشام أم ترجعون إلى هؤلاء الذين خلفوا إلى ذراريكم، فقالوا: لا، بل نرجع إليهم، فذكر أمرهم فحدث عنهم ما قال فيهم رسول الله (ص): (إن فرقة تخرج عند اختلاف الناس تقتلهم أقرب الطائفين بالحق، علامتهم رجل فيهم يده كثدي المرأة) فساروا حتى التقوا بالنهروان فاقتتلوا قتالا شديدا، فجعلت خيل علي لا تقوم لهم، فقام علي فقال: أيها الناس إن كنتم إنما تقاتلون لي فوالله ما عندي ما أجزيكم به، وإن كنتم إنما تقاتلون لله فلا يكن هذا قتالكم، فحمل الناس حملة واحدة فانجلت الخيل عنهم وهم مكبون على وجوههم، فقال علي، اطلبوا الرجل فيهم، قال: فطلب الناس فلم يجدوه حتى قال بعضهم: غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم، فدمعت عين علي، قال: فدعا بدابته فركبها فانطلق حتى أتى وهدة فيها قتلى بعضهم على بعض [فجعل يجر بأرجلهم] حتى وجد الرجل تحتهم، فأخبروه فقال علي: الله أكبر، وفرح الناس ورجعوا، وقال علي: لا أغزو العام، ورجع إلى الكوفة وقتل، واستخلف حسن فساروا بسيرة أبيه ثم بالبيعة إلى معاوية.
(35) أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن علي قال: لما كان يوم النهروان لقي لخوارج فلم يبرحوا حتى شجروا برماح فقتلوا جميعا، فقال علي: اطلبوا ذا الثدية، فطلبوه فلم يجدوه فقال علي: ما كذبت ولا كذبت، اطلبوه، فطلبوه فوجدوه في وهدة من الأرض عليه ناس من القتلى، فإذا رجل على يده مثل سبلات السنور، قال: فكبر علي والناس، وأعجب الناس وأعجب علي.
(36) وكيع قال حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن رجل من بني نضر بن معاوية قال: كنا عند علي فذكروا أهل النهر فسبهم رجل فقال علي: لا