تكلم به، قال: إني أصحبت ساخطا على أحياء قريش، إنكم معشر العرب كنتم على الحال التي قد علمتم من قلتكم وجاهليتكم، وإن الله نعشكم بالاسلام وبمحمد حتى بلغ بكم ما ترون، وإن هذه الدنيا هي التي قد أفسدت بينكم، إن ذاك الذي بالشام - يعني مروان - والله إن يقاتل إلا على الدنيا، وإن ذاك الذي بمكة - يعني ابن الزبير - والله إن يقاتل إلا على الدنيا، وإن هؤلاء الذين حولكم تدعونهم قراءكم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا، قال: فلما لم يدع أحدا قال له أبي: يا أبا برزة! ما ترى؟ قال: لا رأى اليوم خيرا من عصابة ملبدة، خماص بطونهم من أموال الناس، خفاف ظهورهم من دمائهم.
(21) حدثنا أبو معاوية وابن نمير وحميد بن عبد الرحمن عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: كنا جلوسا عند عمر فقال: أيكم يحفظ حديث رسول الله (ص) في الفتنة كما قال: فقلت: أنا، قال: فقال: إنك لجرئ، وكيف؟ قال: قلت: سمعت رسول الله (ص) يقول: (فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وجاره يكفرها الصيام والصدقة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر). فقال عمر: ليس هذا أريد، إنما أريد التي تموج كموج البحر، قال: قلت: مالك ولها يا أمير المؤمنين؟ إن بينك وبينها بابا مغلقا، قال: فيكسر الباب، أم يفتح؟ قال: قلت: لا، بل يكسر، قال: ذاك أحرى أن لا يغلق أبدا، قال:
قلنا لحذيفة: هل كان عمر يعلم من الباب؟ قال: نعم، كما أعلم أن غدا دون الليلة، إني حدثته حديثا ليس بالأغاليط، قال: فهبنا حذيفة أن نسأله من الباب، فقلنا لمسروق:
سله، فسأله فقال: عمر.
(22) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: لفتنة السوط أشد من فتنة السيف، قالوا: وكيف ذاك؟ قال: إن الرجل ليضرب بالسوط حتى يركب الخشبة.
(23) حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن هلال بن يساف عن سعيد بن زيد قال:
كنا عند النبي (ص) فذكر فتنة فعظم أمرها، قال: فقلنا - أو قالوا -: يا رسول الله! لئن أدركنا هذا لنهلكن، قال: (كلا، إن بحسبكم القتل)، قال سعيد: فرأيت إخواني قتلوا.