فجعلها في ضبنه (1)، ثم التقم فمها، فالله أعلم أنفث فيها أم لا، ثم قال: يا أبا قتادة! أرني الغمر على الراحلة، فأتيته بقدح بين القدحين (2) فصب فيه فقال: إسق القوم، ونادي رسول الله (ص) ورفع صوته: (ألا من أتاه إناؤه فليشربه)، فأتيت رجلا فسقيته، ثم رجعت إلى رسول الله (ص) بفضلة القدح، فذهبت فسقيت الذي يليه حتى سقيت أهل تلك الحلقة، ثم رجعت إلى رسول الله (ص) بفضلة القدح فذهبت فسقيت حلقة أخرى حتى سقيت سبعة رفق، وجعلت أتطاول أنظر هل بقي فيها شئ، فصب رسول الله (ص) في القدح فقال لي: اشرب، قال: قلت: بأبي أنت وأمي، إني لا أجد بي كثير عطش، قال: إليك عني، فإني ساقي القوم منذ اليوم)، قال: فصب رسول الله (ص) في القدح فشرب ثم صب في القدح فشرب ثم صب في القدح فشرب ثم ركب وركبنا، ثم قال:
كيف ترى القوم صنعوا حين فقدوا نبيهم وأرهقتهم صلاتهم، قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: أليس فيهم أبو بكر وعمر! إن يطيعوهما فقد رشدوا ورشدت أمهم وإن يعصوهما فقد غووا وغوت أمهم قالها ثلاثا، ثم سار وسرنا حتى إذا كنا في نحر الظهيرة إذا ناس يتبعون ظلال الشجرة فأتيناهم فإذا ناس من المهاجرين فيهم عمر بن الخطاب، قال: فقلنا لهم: كيف صنعتم حين فقدتم نبيكم وأرهقتكم صلاتكم؟ قالوا: نحن والله نخبركم، وثب عمر فقال لأبي بكر: إن الله قال في كتابه * (إنك ميت وإنهم ميتون) * (3) وإني والله ما أدري لعل الهل قد توفى نبيه فقم فصل وانطلق، إني ناظر بعدك ومقاوم، فإن رأيت شيئا وإلا لحقت بك، قال:
وأقيمت الصلاة، وانقطع الحديث.
(3) حدثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد عن عمرة أنها سمعت عائشة تقول:
لما جاء نهي جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة جلس رسول الله (ص) ويعرف في وجهه الحزن، فقالت عائشة: وأنا أطلع من شق الباب، فأتاه رجل فقال:
يا رسول الله! إن نساء جعفر - فذكر بكاءهن، فأمره رسول الله (ص) أن ينهاهن.
(4) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن الشعبي زعم أن جعفر بن أبي طالب قتل يوم مؤتة بالبلقاء، فقال رسول الله (ص): (اللهم أخلف جعفر في أهله بأفضل ما خلفت عبدا من عبادك الصالحين) (2) بين القدحين: لا صغيرا ولا كبيرا.
(3) * (إنك ميت وإنهم ميتون) * سورة الزمر الآية (30). (*)