فيهم رسول الله قد تجردا * إن سيم خسفا وجهه تربدا قال حماد هذا الشعر بعضه عن أيوب، وبعضه عن يزيد بن حازم وأكثره عن محمد بن إسحاق، ثم رجع إلى حديث أيوب عن عكرمة قال: قال حسان بن ثابت:
أتاني ولم أشهد ببطحاء مكة * رحال بني كعب تحز رقابا وصفوان عود حز من ودق استه * فذاك أوان الحرب شد عصابها فلا تجزعن يا ابن أم مجالد * فقد صرحت صرفا وعصل نابها فيا ليت شعري هل ينالن مرة * سهيل بن عمرو حوبها وعقابها قال: فأمر رسول الله (ص) بالرحيل فارتحلوا، فساروا حتى نزلوا مرا، قال: وجاء أبو سفيان حتى نزل مرا ليلا، قال: فرأى العسكر والنيران فقال: من هؤلاء؟ فقيل: هذه تميم محلت بلادها وانتجعت بلادكم، قال: والله لهؤلاء أكثر من أهل منى، فلما علم أنه النبي (ص) قال: دلوني على العباس، فأتى العباس فأخبره الخبر، وذهب به إلى رسول الله (ص)، ورسول الله (ص) في قبة له، فقال له: (يا أبا سفيان! أسلم تسلم)، فقال: كيف أصنع باللات والعزى؟ قال أيوب: فحدثني أبو الخيل عن سعيد بن جبير، قال: قال له عمر بن الخطاب وهو خارج من القبة في عنقه السيف: إخر عليها، أما والله أن لو كنت خارجا من القبة ما قلتها أبدا، قال: قال أبو سفيان: من هذا؟ قالوا: عمر بن الخطاب، ثم رجع إلى حديث أيوب عن عكرمة، فأسلم أبو سفيان وذهب به العباس إلى منزله، فلما أصبحوا ثار الناس لطهورهم، قال: فقال أبو سفيان: يا أبا الفضل! ما للناس أمروا بشئ؟ قال:
لا، ولكنهم قاموا إلى الصلاة، قال: فأمره العباس فتوضأ ثم ذهب به إلى رسول الله (ص)، فلما دخل رسول الله (ص) كبر، فكبر الناس ثم ركع فركعوا ثم رفع فرفعوا، فقال أبو سفيان: [ما] رأيت كاليوم طاعة قوم جمعهم من ههنا وههنا، ولا فارس ولا الروم وذات القرون بأطوع منهم له، قال حماد: وزعم يزيد بن حازم عن عكرمة أن أبا سفيان قال: يا أبا الفضل أصبح ابن أخيك والله عظيم الملك، قال: فقال له العباس: إنه ليس بملك ولكنها النبوة، قال: أو ذاك؟ أو ذاك؟ ثم رجع إلى حديث أيوب عن عكرمة قال: قال أبو سفيان: واصباح قريش، قال: فقال العباس: يا رسول الله! لو أذنت لي فأتيتهم فدعوتهم فأمنتهم، وجعلت لأبي سفيان شيئا يذكر به، فانطلق العباس فركب بغلة رسول الله (ص) الشهباء، وانطلق، فقال رسول الله (ص): (ردوا علي أبي، ردوا على أبي، فإن عم الرجل صنو أبيه، إني أخاف أن تفعل به قريش ما فعلت ثقيف بعروة بن مسعود،