(4) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال: لما وادع رسول الله (ص) أهل مكة، وكانت خزاعة حلفاء رسول الله (ص) في الجاهلية، وكانت بنو بكر حلفاء قريش، فدخلت خزاعة في صلح رسول الله (ص)، ودخلت بنو بكر في صلح قريش، فكان بين خزاعة وبين بني بكر قتال، فأمدتهم قريش بسلاح وطعام، وظللوا عليهم، فظهرت بنو بكر على خزاعة، وقتلوا منهم، فخافت قريش أن يكونوا نقضوا فقالوا لأبي سفيان: اذهب إلى محمد فأجر الحلف وأصلح بين الناس فانطلق أبو سفيان حتى قدم المدينة، فقال رسول الله (ص): (قد جاءكم أبو سفيان، وسيرجع راضيا بغير حاجته)، فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر! أجر الحلف وأصلح بين الناس، أو قال: بين قومك، قال: ليس الامر إلي، الامر إلى الله وإلى رسوله، قال: وقد قال له فيما قال: ليس من قوم ظللوا على قوم وأمدوهم بسلاح وطعام أن يكونوا نقضوا، فقال أبو بكر: الامر إلى الله وإلى رسوله، ثم أتى عمر بن الخطاب فقال له نحوا مما قال لأبي بكر، قال: فقال له عمر: أنقضتم فما كان منه جديدا فأبلاه الله، وما كان منه شديدا أو متينا فقطعه الله، فقال أبو سفيان: ما رأيت كاليوم شاهد عشيرة، ثم أتى فاطمة فقال: يا فاطمة! هل لك في أمر تسودين فيه نساء قومك، ثم ذكر لها نحوا مما ذكر لأبي بكر فقالت: ليس الامر إلي، الامر إلى الله وإلى رسوله، ثم أتى عليا فقال له نحوا مما قال لأبي بكر، فقال له علي: ما رأيت كاليوم رجلا أضل، أنت سيد الناس، فأجر الحلف وأصلح بين الناس، قال: فضرب إحدى يديه على الأخرى وقال: قد أجرت الناس بعضهم من بعض، ثم ذهب حتى قدم على مكة فأخبرهم بما صنع، فقالوا: والله ما رأينا كاليوم وافد قوم، والله ما أتيتنا بحرب فنحدر، ولا أتيتنا بصلح فنأمن، ارجع، قال: وقدم وافد خزاعة على رسول الله (ص) فأخبره بما صنع القوم ودعا إلى النصرة، وأنشده في ذلك شعرا:
لا هم إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الا تلدا ووالدا كنت وكنا ولدا * إن قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكد * وجعلوا لي بكداء مرصدا وزعمت أن لست أدعو أحدا * فهم أذل وأقل عددا وهم أتونا بالوتير هجدا * تتلو القرآن ركعا وسجدا ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا * فانصر رسول الله نصرا أعتدا وابعث جنود الله تأتي مددا * في فيلق كالبحر يأتي مزبدا