إسرائيل لنبيها * (اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون) * (1) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكم مقاتلون، فخرج رسول الله (ص) حتى إذا غشي الحرم ودخل أنصابه بركت ناقته الجدعاء فقالوا: خلات، فقال: والله ما خلات، وما الخلا بعادتها، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش إلى تعظيم المحارم فيسبقوني إليه، هلم ها هنا - لأصحابه، فأخذت ذات المين في ثنية تدعى ذات الحنظل حتى هبط على الحديبية، فلما نزل استقى الناس من البئر، فنزفت ولم تقم بهم، فشكوا ذلك إليه فأعطاهم سهما من كنانته فقال: اغززوه في البئر فغرزوه في البئر فجاشت (2) وطما (2) ماؤها حتى ضرب الناس بالعطن، فلما سمعت به قريش أرسلوا إليه أخا بني حليس وهو من قوم يعظمون الهدي، فقال: ابعثوا الهدي فلما رأى الهدى لم يكلمهم كلمة، وانصرف من مكانه إلى قريش، فقال: يا قوم القلائد والبدن والهدي! فحذرهم وعظم عليهم، فسبوه وتجهموه وقالوا: إنما أنت أعرابي جلف لا نعجب منك، ولكنا نعجب من أنفسنا إذ أرسلناك، اجلس، ثم قالوا لعروة بن مسعود: انطلق إلى محمد ولا نؤتين من ورائك، فخرج عروة حتى أتاه فقال: يا محمد! ما رأيت رجلا من العرب سار إلى مثل ما سرت إليه، سرت بأوباش الناس إلى عترتك وبيضتك التي تفلقت عنك لتبيد خضراءها، تعلم أني جئتك من كعب بن لؤي وعامر بن لؤي، قد لبسوا جلود النمور عند العوذ المطافيل يقسمون بالله: لا تعرض لهم خطة إلا عرضوا لك أمرا منها، فقال رسول الله (ص): (إنا لم نأت لقتال، ولكنا أردنا أن نقضي عمرتنا وننحر هدينا، فهل لك أن تأتي قومك، فإنهم أهل قتب، وإن الحرب قد أخافتهم، وإنه لا خير لهم أن تأكل الحرب منهم إلا ما قد أكلت، فيخلون بيني وبين البيت، فنقضي عمرتنا وننحر هدينا، ويجعلون بيني وبينهم مدة، نزيل فيها نساءهم ويأمن فيها سريهم، ويخلون بيني وبين الناس، فإني والله لأقاتلن على هذا الامر الأحمر والأسود حتى يظهرني الله أو تنفرد سالفتي، فإن أصابني الناس فذاك الذي يريدون، وإن أظهرني الله عليهم اختاروا، إما قاتلوا معدين، وإما دخلوا في السلم وافرين)، قال: فرجع عروة إلى قريش فقال: تعلمن والله ما على الأرض قوم أحب إلي منكم، إنكم لإخواني وأحب الناس إلي، ولقد استنصرت
(٥٠٦)