فأخذ بضبعه رجلان ومعه رمحه وسيفه، قال: فجعل يطعن برمحه في بسطهم يخرقها ليتطيروا حتى قام بين يديه، قال: فجعل يكلمه والترجمان يترجم بينهما: إنكم معشر العرب أصابعكم جوع وجهد فجئتم، فإن شئتم مرناكم ورجعتم، قال: فتكلم المغيرة بن شعبة فحمد لله وأثنى عليه ثم قال: إنا معشر العرب كنا أذلة يطؤونا ولا نطأهم، ونأكل الكلاب والجيفة وأن الله ابتعث منا نبيا في شرف منا، أوسطنا حسبا وأصدقنا حديثا، قال: فبعث النبي (ص) بما بعثه به، فأخبرنا بأشياء وجدناها كما قال، وأنه وعدنا فيما وعدنا أنا سنملك ما ها هنا ونغلب، وأني أرى ها هنا بزة وهيئة ما من خلفي بتاركها حتى يصيبها، قال فقالت لي نفسي: لو جمعت جراميزك فوثبت فقعدت مع العلج على سريره حتى يتطير، قال: فوثبت وثبة، فإذا أنا معه على سريره، فجعلوا يطؤوني بأرجلهم ويجروني بأيديهم فقلت: إنا لا نفعل هذا برسلكم، فإن كنت عجزت أو استحمقت فلا تؤاخذوني، فإن الرسل لا يفعل بهم هذا، فقال الملك: إن شئتم قطعنا إليكم وإن شئتم قطعتم إلينا، فقلت: لا بل نحن نقطع إليكم، قال: فقطعنا إليهم فسلسلوا كل خمسة وسبعة وستة وعشرة في سلسلة حتى لا يفروا، فعبرنا إليهم فصاففناهم فرشقونا حتى أسرعوا فينا، فقال المغيرة للنعمان: إنه قد أسرع في الناس قد خرجوا قد أسرع فيهم، فلو حملت؟
قال النعمان: إنك لذو مناقب وقد شهدت مع رسول الله (ص) ولكن شهدت مع رسول الله (ص)، فكان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تزول الشمس وتهب الرياح وتنزل النصر، ثم قال: إني هاز لوائي ثلاث هزات، فأما أول هزة فليقض الرجل حاجته وليتوضأ، وأما الثانية فلينظر الرجل إلى شسعه ورم من سلاحه، فإذا هززت الثالثة فاحملوا، ولا يلوين أحد على أحد، وإن قتل النعمان فلا يلوين عليه أحد، وإني داعي الله بدعوة فأقسمت على كل امرئ مسلم لما أمن عليها، فقال: اللهم ارزق النعمان اليوم الشهادة في نصر وفتح عليهم، قال: فأمن القوم وهز لواءه ثلاث هزات ثم قال: سل درعه ثم حمل وحمل الناس، قال: وكان أول صريع، قال فأتيت عليه فذكرت عزمته فلم ألو عليه وأعلمت علما حتى