(ذكر شهود العباس رضي الله عنه بيعة العقبة) مع النبي صلى الله عليه وسلم ومناصحته له وهو على دينه قال ابن إسحاق وابن قتيبة وأبو سعيد وأبو عمر وصاحب الصفوة كان العباس يوم العقبة مع النبي صلى الله عليه وسلم يعقد له البيعة على الأنصار وقام بذلك الامر وقالوا جاء قوم من أهل العقبة يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم فقيل لهم هو في بيت العباس فدخلوا عليه فقال العباس إن معكم من قومكم من هو مخالف لكم فاخفوا أمركم حتى ينصدع هذا الحاج ونلتقي نحن وأنتم فنوضح لكم هذا الامر وتدخلوا على أمر بين فوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة التي في صبيحتها النفر الآخر أن يوافيهم أسفل العقبة وأمرهم أن لا ينبهوا نائما ولا ينتظروا غائبا فخرج القوم تلك الليلة يتسللون وقد سبقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه العباس ليس معه غيره وهو على دين قومه حينئذ وكان صلى الله عليه وسلم يثق به في أمره كله. وقال ابن إسحاق فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل مستخفين حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون رجلا ومعنا امرأتان نسيبة بنت كعب من بنى النجار وأسماء بنت عمرو من بنى سلمة قال فلما اجتمعنا في الشعب كان أول من تكلم العباس رضي الله عنه وقال يا معاشر الخزرج وكانت الأوس والخزرج تدعى الخزرج إنكم قد دعوتم محمدا إلى ما دعوتموه إليه ومحمد من أعز الناس في عشيرته يمنعه والله من كان منا على قوله ومن لم يكن يمنعه للشرف والحسب. وقد أتى محمد الناس كلهم غيركم فان كنتم أهل قوة وجلد وبصيرة بالحرب واستقلال بعداوة العرب قاطبة فإنها سترميكم عن قوس واحدة فأروني رأيكم وأنتم وأمركم ولا تفرقوا إلا عن إجماع فان أحسن الحديث أصدقه، وأخرى صفوا لي الحرب كيف تقاتلون عدوكم فأسكت القوم وتكلم عبد الله بن عمرو بن حزام فقال نحن والله أهل الحرب وغذينا بها ومرينا ورثناها عن آبائنا كابرا فكابرا نرمي بالنبل حتى تفنى ونطاعن بالرماح حتى تكسر ثم نمشي بالسيوف فنضارب بها حتى يموت
(١٨٨)