عليه وآله حتى يحل لك معونتهما لك بخدمتك ولا كنت قادرا أن تبعث ذلك الرسول المعظم إلى العباد وتفتح به ما فتح الله جل جلاله بنبوته من البلاد ولا كنت قادرا أن تؤيده بالمعجزات وتمده بالملائكة من السماوات وغير ذلك من الأسباب التي هي من مولاك رب الأرباب فإنك ما قدرت أن تحضر ذلك الغلام والجارية بين يديك إلا بعد أن أنعم مولاك بجميع هذه النعم عليك فكيف يحل أو يليق بعاقل أن ينساه أو يؤثر عليه سواه وما كان يحصل ما حصل مولاه.
ومثال ذلك أنك تحتاج إلى دابة تركبها في مهماتك وإرادتك التي تعينك على سعادة دنياك وآخرتك فإنك لو كنت تتكلف الاسفار بالمشي على قدميك كان في ذلك من الذل والمشقة ما لا يخفى عليك.
وتفكر أنه لو لم يخلق الله دابة تركب، إلا دابتك كيف كنت تكون في السرور بها والتعظيم لواهبها، وكيف كان يحسدك الملوك وغيرهم عليها وكيف كان تكون آية الله جل جلاله تنظر الخلائق إليها فكن عافاك الله بتلك المنة الجليلة والايادي العظيمة الجميلة، وإياك أن تكون كثرة الدواب من رب الأرباب يهون قدر النعمة بها ويصغر عندك شرف بذله جل جلاله بها، فإن العقل ما قضى أن كلما بالغ المولى الأعظم في الاكرام والاسعاف إن العبد يبالغ في الاحتقار لمولاك والاستخفاف حتى يبلغ الجاهلين إلى مقام الجحود لصاحب الجود والهلاك في اليوم الموعود فاحذر أن تتبعهم على الجهالات فالقوم قد أحاطت بهم مصائب الغفلات وهم في ذل الندامات.