أهلك بني آدم وأتلف ما خلق لهم من النبات والأشجار وخرب ما بنوه من الديار، وكيف لم تخلط النقطة في طريق نزولها بمصادمة الهواء، وكيف جعله في وقت دون وقت بحسب الحاجات وجعله مباحا مطلقا للعزيز والذليل في سائر الأوقات لما علم أنه من أهم الضرورات لئلا يمنعه الملوك الظالمون عن المحتاجين إليه وكل عدو عن عدوه ويفسد تدبير الدنيا ويموت من منع منه بالمغالبة عليه، فاذكر عند شربك له ما ذكرت من رحمة سيدك عليه واعرف له المنة العظمى واحمده بغاية ما أقدرك عليه وتذكر عند شرب الماء أنك ما صح لك الانتفاع بلذة تلك الشربة اليسيرة حتى عمل الله جل جلاله لأجل شربك مملكة كبيرة لأن شربتك تحتاج إلى وجودك وحياتك وعافيتك وهذه الأمور تحتاج إلى جميع ما في الدنيا مما يتعلق وجوده لمصلحة شربتك وإن كنت شربتها من آنية فكل ما يتعلق وجوده بالانية نعمة في حقك بتلك الشربة التي قد هونتها لوجودها بحسب إرادتك ولو منعها عنك وقت حاجتك عرفت قدرها وقدر المنعم بها جل جلاله المتفضل برحمتك وتذكر ترويحه جل جلاله للماء حتى يبرد ويكمل ما تريده من لذتك ولو كان قد روحها حتى يبرد بعض (خدمك) ويد (جاريتك) كنت فضلتها على غيرها وزدتها في محبتك وجازيتها بحسن قدرتك فلأي حال لا تكون القلوب متعلقة بإحسان الله جل جلاله وشفقته كما هي متعلقة بإحسان عبد من عبيده الذين إحسانهم من إحسانه إليك ومن جملة نعمه عليك.
الفصل الخامس عشر والمائة: وتذكر يا ولدي محمد ذكرك الله جل جلاله