ذلك من أقبح التدابير وإنما يكون قاصدا امتثال أمر الله جل جلاله وامتثال أمر رسوله صلى الله عليه وآله فيما أراد منك بذلك النكاح المشار إليه فإن خفت غلبة الشهوة عليك فتمنعك من هذه النية المرضية فاستعن بالاستخارة قبل الشروع في هذه الخلوة بهذه المطالب الصادرة عن المواهب الإلهية فإنني قد ذكرت في كتاب (فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين رب الأرباب) ما لم أعرف أحدا سبقني إلى مثله وكان ذلك من كرم الله جل جلاله وفضله.
الفصل التاسع عشر والمائة: وإياك يا ولدي محمد طهر الله جل جلاله في تطهير سرائرك من دنس الاشتغال بغيره عنه وملأها بما يقربك عنه إذا احتجت إلى مخالطة الناس لحاجتك إليهم ولحاجتهم إليك ثم إياك ثم إياك أن تغفل عن التذكر أن الله جل جلاله مطلع عليهم وعليك وأنكم جميعا تحت قبضته وساكنون في داره ومتصرفون في نعمته وأنتم مضطرون إلى مراقبته وأنه قد توعدكم بمحاسبته وليكن حديثك لهم كأنه في المعنى له وبالاقبال عليه كما لو كنت في مجلس خليفة أو سلطان وعنده جماعة فإنك كنت تقصده بحديثك والناس الحاضرون في ضيافة حديثك له وإقبالك عليه.
الفصل العشرون والمائة: واعلم يا ولدي محمد ومن بلغه كتابي هذا من ذريتي وغيرهم من الأهل والاخوان علمك الله جل جلاله وإياهم ما يريد منكم من المراقبة في السر والاعلان أن مخالطة الناس داء معضل وشغل شاغل عن الله عز وجل مذهل وقد بلغ الامر في مخالطتهم إلى نحو ما جرى في الجاهلية من الاشتغال بالأصنام عن الجلالة الإلهية فاقلل يا ولدي من مخالطتك لهم