اصطفاك أن الخبز ما يصل إلى يديك حتى يستخدم لك فيه الأفلاك والأرضون والليل والنهار والملوك وأعوانهم في الأقطار، النجارين والحدادين والتجار والخبازين ومن يجعله من الآدميين، وكيف تعب من تعب منهم في تدبيره وهلك من هلك منهم بالآثام بسوء تغتيره.
وأنت يا ولدي محمد سالم عن ذلك الخطر صغيره وكبيره ثم جعل لك من أنواره ومباره عينا تنظر إليه ويدا تمتد نحو الخبز وتقبض عليه وفما وأسنانا وتدبيرا محكما لا يحتوي وصفي عليه، وأجرى لك الريق من حيث لا تعلم من مجاري ما حفرتها ولا حفر لك آباؤك ولا أمهاتك ولا كان من الخلائق من يقدر أن يجريه إلا من بيده حياتك ومماتك وجعل مجاريه بقدر حاجتك إلى تلك اللقمة فلو كان أكثر من حاجتك كان قد جرى إلى خارج فمك وكدر عليك ولو كان دون حاجتك كانت اللقمة يابسة لا تتهنأ بها على عادتك فإياك ثم إياك أن تهون برحمته وحقوق نعمته وعظيم هيبته وحرمته، وأنك تحت قبضته.
الفصل الرابع عشر والمائة: ثم تذكر يا ولدي محمد ذكرك الله جل جلاله بما يريد من مراحمه وعرفك بفضل مكارمه كيف أجرى الماء الذي تحتاج إليه من العيون ومن تحت الأرضين وفتقها بقدرته وفيها ماء هو بين صخر أصم يعجز عن فتقه قوة العالمين، ثم كيف أنزل ما أنزله من السحاب المسخر بين السماء والأرض وجعل السحاب كالمنخل لينزل بنقط متفرقة سهلة النزول من ذلك العلى ولو جعله جاريا من الغمام مثل جريه في البحار والأنهار كان قد