حاملا للعذرة في بطنك، ثم ذلك بأن تجعل غسلها منك بيدك كل يوم وليلة على صفات متنفرة، فتارة عاملك بالإكرام العظيم لعل مراده أن تعرف قدرته ونعمته وترزق كرامته، وتارة عاملك برياضة التأديب لتخاف مؤاخذته وسطوته وإهانته وتفهم ربوبيته.
الفصل الحادي عشر والمائة: ثم تذكر يا ولدي محمد جلال مقامه وكمال إنعامه بأن جعلك أهلا لأن يبعث إليك رسلا من ملائكته حفظة بما شرفك به من طاعته وتجميلا لذكرك بإظهار ما يتقرب به من خدمته بين الملأ الاعلى من خاصة وليكونوا شهودا على مقدس حضرته يوم اجتماع الخلائق لمحاسبته وما أجاز في شرعه الذي ارتضاه شهادة عبد على مولاه إلا شهادة ملائكته لك على مقدس حضرة ربوبيته ولمن شرفه بما شرفك من نعمته فوهم يوم بلوغك ورشادك حق فصدهم وخدمتك بغاية اجتهادك وابدء بالتسليم عليهم كما أشرت إليه في كتاب (المهمات والتتمات) وصاحبهم أحسن مصاحبة في سائر الأوقات ولا يسمعوا منك إلا جميلا ولا يحضروا معك مجلسا إلا ويرونك عبدا لمولاك ومولاهم ذليلا ولا تكتب على أيديهم إلى سيدك الذي أنت مفتقر إليه في أمرك كله إلا كتابا يصلح أن يعرض عليه منزها مما يكرهه ويأباه مملوا مما يحبه ويرضاه كما جرت عادة المملوك الضعيف إذا كتب كتابا إلى مالكه الأعظم صاحب المقام العالي الشريف، فإن غفلت في ليلك أو نهارك عنه وآثرت عليه من ليس فيه بدل منه فتب في الحال من غير إهمال وتصدق بصدقة تطفي عنك نيران الذنب، فإن صدقة السر تطفي غضب الرب، ولا