وقت من الدهر وبالله التوفيق.
قال أبو محمد: وأما قول أبي حنيفة فما تعلق بما روى في ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، لان الرواية عن عمر رضي الله عنه بأن ما زاد على عشرين دينارا فإنه يزكى بالدراهم، وعن ابن مسعود تزكية الذهب بالدراهم، وهذا يخرج على قول الزهري، وعطاء وما وجدنا عن أحد من الصحابة ولا من التابعين أن الوقص في الذهب يزكى بالذهب، فخرج قوله عن أن يكون له سلف.
ونسألهم أيضا من أين جعلتم الوقص في الذهب أربعة دنانير؟ وليس هذا في شئ من الآثار التي احتججتم بها، بل الأثر الذي روى عن علي في ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله بأن ما زاد على عشرين دينارا فإنه يزكى بالحساب، وإنما جاء عن عمر في ذلك قول لا يصح ومع ذلك فقد خالفتموه، ورأيتم تزكيته بالذهب ورآه هو بالورق (1) بالقيمة، وقد خالفه على، وابن عمر برواية أصح من الرواية عن عمر (2).
فلا ملجأ لهم الا أن يقولوا: قسناه على الفضة.
قال على: وهذا قياس، والقياس كله باطل، ثم لو صح القياس لكان هذا منه قياسا للخطأ على الخطأ وعلى أصل غير صحيح لم يأت به قط قرآن ولا سنة صحيحة ولا رواية سقيمة ولا إجماع من أن كل عشرة دراهم بإزاء دينار، وإنما هو شئ قالوه في الزكاة، والقطع في السرقة والدية، والصداق، وكل ذلك خطأ منهم، وليس شئ منه صحيحا، على ما بيناه ونبين إن شاء الله تعالى، إذ ليس في شئ من ذلك قرآن ولا سنة صحيحة ولا إجماع وبالله تعالى التوفيق.
وبالدليل الذي ذكرنا وجب أن لا يزكي الذهب إلا حتى يتم عندمالكه حولا كما قدمنا.
ثم استدركنا فرأينا أن حديث جرير بن حازم مسند صحيح لا يجوز خلافه، وأن الاعتلال فيه بأن عاصم بن ضمرة أو أبا إسحاق أو جريرا خلط اسناده الحارث بارسال عاصم: هو الظن الباطل الذي لا يجوز، وما علينا من مشاركة الحارث لعاصم، ولا لارسال من أرسله، ولا لشك زهير في شئ وجرير ثقة، فالأخذ بما أسنده لازم وبالله تعالى التوفيق (3).