وقد صح عن عمر بأصح طريق من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة (1) عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم النخعي عن زياد بن حدير (2) قال: مرني عمر بن الخطاب أن آخذ من نصارى بنى تغلب العشر، ومن نصارى أهل الكتاب نصف العشر (3).
قال أبو محمد: فكما لم يسقط أخذ نصف العشر من أهل الكتاب الجزية عنهم فكذلك لا يسقط أخذ العشر من بنى تغلب أيضا الجزية عنهم، وهذا أصح قياس، لو كان شئ من القياس صحيحا، فقد خالفوا القياس أيضا.
ثم لو صح وثبت لكانوا (4) قد خالفوه، لان جميع ممن رووه عنه أولهم عن آخرهم يقولون كلهم: ان بنى تغلب قد نقضوا تلك الذمة، فبطل ذلك الحكم.
ورووا ذلك أيضا عن علي، فحالفوا عمر. وعليا والخبر الذي به احتجوا والقرآن والسنن: في أخذ الجزية من كل كتابي في أرض العرب وغيرها، كهجر واليمن وغيرهما وفعل الصحابة رضي الله عنهم والقياس، ونعوذ بالله من الخذلان.
702 مسألة ولا يجوز أخذ زكاة ولا تعشير مما يتجر به تجار المسلمين، ولا من كافر أصلا، تجر في بلاده (5) أو في غير بلاده، إلا أن يكونوا صولحوا على ذلك مع الجزية في أصل عقدهم، فتؤخذ حينئذ منهم والا فلا.
أما المسلمون فقد ذكرنا قبل أنه لا زكاة عليهم في العروض لتجارة كانت أو لغير تجارة (6) وأما الكفار فإنما أوجب الله تعالى عليهم الجزية فقط، فإن كان ذلك صلحا مع الجزية فهو حق وعهد صحيح، وإلا فلا يحل أخذ شئ من أموالهم بعد صحة عقد الذمة بالجزية والصغار، ما لم ينقضوا العهد. وبالله تعالى التوفيق.
وقال أبو حنيفة: يؤخذ من أهل الذمة إذا سافروا نصف العشر في الحول مرة فقط ولا يؤخذ منهم من أقل من مائتي درهم شئ، وكذلك يؤخذ من الحربي العشر إذا بلغ مائتي درهم، وإلا فلا، إلا إن كانوا لا يأخذون من تجارنا شيئا، فلا نأخذ من تجارهم شيئا.
وقال مالك: يؤخذ من أهل الذمة العشر إذا تجروا إلى غير بلادهم، مما قل أو كثر إذا باعوا، ويؤخذ منهم في كل سفرة كذلك ولو مرارا في السنة، فان تجروا في بلادهم